الثقافية

مرحلة أخرى في قراءة وحدانية الله “الحلقة الثالثة”

بقلم الدكتور جبار صبري
مرحلة أخرى في قراءة وحدانية الله
الحلقة الثالثة
ثالثا : مرحلة مابعد الحداثة ( 1970 الى —– يومنا هذا )
إن الخالق والمخلوق وكل علامة في كل وجود، جميعهم في سلب. جميعهم في حاجة الى آخر وذلك لعدم اكتفائهم، لعدم قدرتهم بالتدليل على انفسهم، ولأنهم مجرد آثار: أثر خالق وأثر مخلوق. أثر ايّما علامة، وهذا الأثر بدوره سيحتاج الى آخر لتبيان وجوده ولمعرفة معناه. لذا يمكن النظر الى المرتسم ادناه لمعرفة او فهم اللاتوحيد المتخارج من شفرة ما بعد الحداثة.
المعنى +¯ ← الانسان / اللغة +¯ ← الواقع +¯
↓ ↓ ↓
منفصل / متصل +¯ ← منفصل / متصل +¯ ← منفصل / متصل +¯
إن سلسلة الآثار المتمظهرة من العلامات ، جميع العلامات، هي بقدر ما تظهر الاشياء بقدر ما تخفيها. إنها في تلك الحركة المزدوجة التي تعتمد المتمظهر من تلك الآثار اساسا لتبيان ما ليس بمتمظهر منها ولمزيد من نشر الفوضى في التعدد والانتشار ولمزيد من لعبة التكرار اللانهائبة والتي يمكن ان نستخلص منها النقاط الآتية:
1 – الغاء التراتب والامتناع عن فهم العالم عبر الثنائية: المركز والهامش او المعنى والمادة. بل جميع ما يكون في هذا يكون بدرجة متماثلة في نسبة الحضور او التمثل في الحاجة والسلب.
2 – كل شيء سالب يعني كل شيء محتاج الى آخر ليدل عليه ذلك الآخر. وبالتالي يكون الخالق سالبا لحاجته الى مخلوق لتبيان أمره او وجوده كما تريد ذلك مرحلة ما بعد الحداثة.
3 – ان المعنى جزئي منفصل بالسلب ومتصل بالسلب فهو منفصل متصل في آن واحد، وذلك لكونه أثرا يظهر ويخفي في آن واحد.
4 – لا يمكن تحقيق الإيجاب في هذه المعادلة . وبالتالي لا يوجد شيء مكتفيا بذاته ، والجميع يخضع لشرط الحاجة الى آخر والجميع في طور السلب.
5 – ان السلب جزئي والايجاب جزئي وسرعان ما ينقلب أحدهما على الآخر باستمرار لإيجاد مساحة من التعدد في المعنى والتأويل والنقد والانتشار والتشتت.
6 – الاقرار بالأثر يعني تفاضل الواقع / المادة على المعنى. وبالنتيجة ان المادة اشرف من المعنى لأنها طريق التواصل ، بينما المعنى طريق الانقطاع.
7 – الإقرار بالأثر يعني الإقرار بالمكان مما يجعل سهم الفهم يبدأ من الحركة، والحركة زيغ وانحراف. ولمّا تواشجا مع الاثر اصبح المكان برمته منحرفا عن اصابة المعنى.
8 – لا يكون الزمان الا بأثر المكان.
9 – انطفاء المرجع / المعنى الكلي إذ لا وجود لـ هكذا اصطلاحات.
10 – ان الله أثر غير قادر على أن يدلّ على نفسه لولا حاجته الى آخر.
إذن، هكذا تسجل مرحلة ما بعد الحداثة الغاء تاما لكل مرجع، لكل اصل، لكل متخارج عن الزمان والمكان والصيرورة، وكل ما يكون فيها يكون بدواعي النسبية الناقصة، وكل ما يكون فيها يكون على شكل علامات محتاجة . وتتأكد حاجتها من عدم اكتمالها. من رغبتها بآخر يدلّ عليها، ويكون بمستطاع ذلك الآخر إثبات وجودها.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار