المحلية

هوية بغداد التسويقية

هوية بغداد التسويقية
عبير القيسي

منذ زمن بعيد وربما منذ طفولتنا نسمع عن ابائنا واجدادنا في احاديثهم عن منطقة باب المعظم، تقاطع باب المعظم، جسر باب المعظم، ولكننا نجهل أهمية التعرف عليها، ولصغر سننا ايضا لا ندل موقعها، وبعد مرور الزمن مسرعاً برحيل اجدادانا، خاطفاً منا اجمل سني صبانا، ها نحن كبرنا وصرنا من رواد منطقة باب المعظم، بل ومن عشاق التبضع من الباعة الذين يفترشون تحت الجسر أو جوانبه ببضائعهم التي تناسب الغني والفقير في حد سواء، حتى سوق باب المعظم يشتهر بغذائيته الجيدة التي تهون على الموظفين تحديداً اعباء التسوق من الاسواق المحدودة بوقت معين تفتتح فيه وتغلق قبل نهاية دوامهم، هوية محافظة بأتمها تتخلص في سوق عريق مثل سوق باب المعظم، الذي يوجد فيه بائع المكسرات والخضروات والمشتري منهم كادح أو موظف، هنا بين اروقة الجسر في العبور والتنقل بهذا التقاطع بين باعة الالبسة والادوات المنزلية والحلويات تتضح معالم الفرد العراقي وتحديداً مدى عمق وجدانه المحب للحياة والزاخر بالأمل رغم انف الاحداث والظروف التي مر بها العراق تحديداً محافظة بغداد .. وهذه تعد من أهم مناطق الربط المروري في العاصمة ومن أهم مناطق الوصل بين جميع الطبقات الاجتماعية لا تفرق بين كبير وصغير فالجميع هنا متسوقون عائدون من اعمالهم المهنية الى منازلهم الكائنة في الوزيرية أو القاهرة أو الصليخ أو الشعب أو الحسينية وعلى هذه الحال كل يوم يصبح الانسان في حالة من الاستمرار لمواصلة الحياة فهي تستمر مهما كانت ظروفك متعبة، ومهما كانت حالتك النفسية سيئة أنها لا تقف عندك أو عند الراحلين، لا تبكي على حزنك ولا تأسى على وجعك أنها انانية الحياة الجارية وسعة تقلبها ما بين الامس والان، فعندما يصيبك يأس أو احباط لا تلوم اقدارك، ولا تعترض على مشيئة القدر، بل اذهب والتقط بعينك أجمل صورة عن بائع الالبسة وهو كادح ومبتسم في وجوه المارة، سيتولد لديك أمل جديد، اذهب الى السوق وأنظر الى جمالية الخضروات وروعة وجوه باعتها المطمئنة مهما كان الحال الذي يمرون فيه، ستتولد لديك طاقة الامان والقبول لما يحدث معك.
الحياة لا تقف على عقدة انسان من طارئ مر بعمره، والانسان ليس بشجرة أنما مخلوق متغير دائم التقلب في الحالة المزاجية والفكرية والمعاشية لأنه مضطراً لمواكبة دنياه وما يحدث فيها، لذلك تحرك وأصنع مجدك وخذ الامل من افواه الفقراء، واستخلص الرضا من عصارة الايام التي ينحبس فيها أي صعب وأي ازعاج كاد أن يأخذ منك بريقك، لا تسمح للعمر أن يمر دون أن تقضيه بمثالية انسانية وهي أنك تتعايش مع الناس ومع جغرافية المكان لتستمد منهم ما يمنحك القوة والثبات لأنقضاء ايامك بسرور وسعادة مثلى، وفي الختام لا تنسى المرور بهذه المنطقة لتتبضع لعائلتك وانت مسرور ولتسعد عائلة تستمد رزقها من الالف دينار الذي تبضعت فيه منهم.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار