مقالات

ماقبل الضغط على الزر النووي!؟

بقلم ✍️ عمر الناصر ||كاتب وباحث سياسي

في نهاية شهر سيبتمبر عام ٢٠٢١ اكتمل مد خط نورد ستريم ٢ الذي يربط فيبورغ الروسية ولوبمين الالمانية بطول ١٣٢٠ كيلو متر عبر بحر البلطيق،الذي لم يتم تدشينه، لانه اثار حفيظة اميركا بشكل خاص، التي اقنعت بدورها المانيا بأن هذا الخط يعني رهن مستقبل الحياة الالمانية لروسيا، الذي سيؤدي الى خسارة مابين ٢-٣ مليار دولار سنوياً لاوكرانيا بسبب توقف الخط المار عبر اراضيها.

الجدير بالذكر بأن خط نورد ستريم ٢ قد تدر ارباح عائداته السنوية اكثر من ١٥ مليار دولار سنويا لروسيا،اذا ما حافظت على نفس الاسعار التي كانت تفرضها عبر الخط الاوكراني، والذي قد يحوّل هذا المشروع و بتكلفته المنخفضة حاجة الاوربيين لغاز بوتين الى التبعية السياسية لروسيا.

الازمة الحالية هي نقطة تحول كبيرة في تاريخ تحجيم ومحاولة تقزيم الاقتصاد الاوروبي، ولاعادة النظر بتصرفاتهم تجاه القضية الاوكرانية، على اعتبار ان ٧٠٪؜ من الغاز الروسي يمر عبر الانبوب الاوكراني الذي هو واحد من اهم اربع انابيب تمر في بولندا، تركيا، اوكرانيا، وخط نورد ستريم 1 الى المانيا الذي يغذي القارة العجوز ، وجزء من الاسباب التي انتفضت لاجلها اوروبا بشكل عام والمانيا واميركا بشكل خاص، هو ان شركة غاز بروم الحكومية تمتلك ٥٠٪؜ من هذا المشروع، مما ادى الى ان يفسر الموضوع على انه سلاح جيوسياسي فتاك، قد يرجع الاتحاد الاوروبي الى العصور الوسطى ، مما دعاهم الى فرض عقوبات على خط الغاز الجديد عام ٣٠١٧ و٢٠١٩ و ٢٠٢٠ الذي لم يكتمل كما اسلفت الا في نهاية ٢٠٢١.

ردة الفعل الروسية جاءت قاسية ومبالغ بها نوعاً ما،بعد ان وصلت المفاوضات الى طريق مغلق، جعل من بوتين يضع بصمتين في آن واحد، خَفض من كمية الغاز المتوجهة الى اوروبا عبر اوكرانيا بنسبة ٢٣٪؜, ورفع السعر الى ١٥٪؜ فجعلهم امام عقبة القبول بالامر الواقع، حتى سمح للكرملين بمراكمة الاحتياط خلال هذه الفترة الذي اعلن فيها صراحة ارتفاع مخزون الاحتياط من العملة الصعبة بنسبة ٦٣٠ مليار دولار.

قبل البدء بأي عملية عسكرية ، لا بد من ان تسبق ذلك تحركات استفزازية بصورة تدريجية قبل اللجوء الى خيار التصعيد العسكري، يبدأ اولاً من خلال التصريحات الاعلامية، وينتهي بالضغط على زر اطلاق اول اطلاقة، لان تحشيد روسيا اكثر من ١٠٠ الف جندي على الحدود الروسية الاوكرانية في نية لاجتياح الاخيرة لاوكرانيا التي كانت بحجة في نيتها الانضمام لحلف الناتو، فأدت الى الشرارة الاولى للحرب التقليدية التي اوصلت فرنسا لان تجعل الغواصات النووية جاهزة للضغط على زر الاطلاق، وفي الطرف الروسي لم يكن الرد متأخراً ، لان وزير الدفاع الروسي قد اخبر بوتين بأن اسطولي الشمال والمحيط الهادئ والقوات المشرفة على الاسلحة النووية في حالة تاهب قصوى للضغط على الزر النووي ، في ظل ترقب وتفرج واضح من الادارة الامريكية.

ولايمكن انكار حقيقة ازلية تقضي بأن التفوق العسكري والقدرات القتالية الروسية اعلى بكثير من ماهي عليه القدرات الاوكرانية، والدليل على ذلك تصنيف روسيا بالمرتبة الثاني من اصل ١٤٠ دولة في المجال العسكري ، بينما تحتل اوكرانيا المرتبة ٢٢ من اصل ١٤٠ دولة في العالم، ناهيك عن امتلاك روسيا على ٧٠ غواصة ٣٠١٢٢ الف مدرعة، وبميزانية وزارة الدفاع البالغة ١٥٤ مليار دولار، وعدد دبابات ١٢٤٢٠ الف دبابة، تملك اكثر من ١٥ مدمرة، ناهيك عن القوات شبه العسكرية المتمثلة بالمقاتلين الشيشان واخرين الذين يبلغ عددهم اكثر من ٢٥٠ الف مقاتل بينما الاوكرانيون ٥٠ الف مقاتل.

يبدو ان معركة عض الاصابع ستبدأ من خلال نية السويد وفنلندا تقديم طلب الانضمام للناتو رسمياً، والتي تعد مثل هذه الخطوة اخطر خطوة قد تؤدي الى تفاقم الازمة لندخل فعلياً في مرحلة نهاية العالم، على اعتبار ان روسيا لديها تحفظات عالية على انضمام اوكرانيا والسويد وفنلندا الى حلف شمال الاطلسي ، الذي تعده روسيا بمثابة “تهديد وجودي” لها، وموضوع خروج السويد عن صمتها وحياديتها بإرسال الاف المعدات العسكرية الى اوكرانيا، قد ينذر بأزمة جديدة قد تفتح الباب عليها في الفترة مابعد نهاية الحرب، اما المانيا التي قد وقعت بين امران احلاهما مُر ، فقد اكتفت بإرسال ٥ الاف خوذة الى اوكرانيا.

انتهى ..

خارج النص || بايدن اشار الى ان نورد ستريم ٢ لن يمضي قدما وهذا لن يحدث ابداً .!!

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار