مقالات

كتب الصحافي حسن النصار مقال بعنوان “دمار وخراب”

دمار وخراب
بقلم /حسن حنظل النصار..
وقتل واجرام ونحن نتفرج ساسة من بلدي ولدنا و كبرنا في بلاد متخلفة .
لا هي بدولة و لا هي بخيمة .
ولدنا و كبرنا بين الأسلاك الشائكة و القوانين الشائكة و الفتاوي المفخخة ، بين القوادين الذين يخرجون من كل مكان .. من الجدار ، من عربة الخضار ، من المسجد ، من الجريدة بكل شاشات العهر والابتزاز و من المقاهي الصغيرة الحقيرة .
بين قصص الأبطال التي لا تفي بالغرض .
ولدنا و كبرنا في بلاد تدفعنا بشتى الطرق إلى الهروب بحرا . في بلاد تمنع وصولنا إلى مطاراتها و طائراتها ، موانئها و باخراتها .
بلاد تبيعنا الحشيش و تقبض علينا في عز النشوة .
بلاد تعاملنا كمارقين وسراق ومشردين .
بلاد تعاملنا كأعداء لها .
و في المقابل ، لا تتأخر لحظة عن محاصرتنا بالقوانين السخيفة ، بالحكومات الداعرة التي تتداول على مضاجعتنا بإسم حفظ النظام ، تارة ، و بإسم حماية الرب ، تارة أخرى .
بلاد تنكحنا بشذوذ و وحشية .
بلاد تسجننا في حفرة إسمها ” وطن ” .
ثم تطلق في وجهنا كلابها الشاذة و المدربة على تحطيم حيواتنا .
بلاد تقتلنا ، أيها السادة ، و تمشي في جنازاتنا.
ولدنا لنشهد كل هذا الخراب و القذارة و السفالة .
ولدنا لنشهد مأساتنا.
ولدنا لنعرف أننا سنموت ميتة باهتة .
قبل عشر سنوات ، توقفت عن وصف هؤلاء الحثالة الذين يقودون ماكنة السلطة بالسياسيين .
حدث ذلك حين شاهدت حوارا تلفزيا مع وزير الخارجية الفرنسي السابق ” دومنيك دوفلبان”.
الصحفية سألته عن تعريفه للسياسة .
أجاب ” أعتقد أنها تعني الإستثمار في الأمل “.
عشر سنوات و عبارة دومنيك في رأسي .
أشاهد وزيرا تونسيا أو نقابيا أو زعيم حزب أو زعيم معارضة يتحدث في التلفزيون فأشعر بأوجاع في معدتي .
هؤلاء الحثالة مثيرون للإشمئزاز .
الإسلاميون ، القوميون ، اليساريون والعلمانيين ..
هؤلاء السفلة لا أستطيع التحديق في وجوههم .
هؤلاء الكفرة لا يمكن الحديث معهم إلا في مصح علاجي نفسي .
ولدنا لنتفرج على مشهد إعدامنا الواحد بعد الآخر .
مشاهد خراء .
مشاهد تسحقنا .
مشاهد لا يمكن حتى لمبتكر الجحيم أن يسمح بحدوثها في محكمة جمع الخطايا .
أيها السياسيون بكل اطيافكم لقد كرهنا وجوهكم .
كرهنا سفالتكم و شذوذكم .
كرهنا أحيائكم و موتاكم .
كرهنا وجودنا معكم على نفس الأرض .
إن الحياة معكم لا تحتمل ، لا نستطيع حتى التنفس !
كيف نتنفس في أرض مليئة بالمجرمين و الحثالة !
ولدنا و كبرنا في بلاد ملعونة .
بلاد تدفعنا إلى الخمارات و الأكواخ المهجرورة و الستادات لنصرخ كالحيوانات الجريحة .
بلاد تقاتلنا ليلا .. و صباحا تراسلنا عبر القوادين و الكائنات الزاحفة لتأمرنا بالإلتحاق بالثكنات و القتال في الصفوف الأمامية تحت راية ” الوطنية ” .
كرهي لكم تحول من شعور بالغبن إلى وريد يابس نبت في قلبي و نمى في صدري .
وريد لا يمكن السيطرة عليه .. لا بالوعود الكاذبة و لا بتهديدات البوليس في التلفزات و الساحات .
وريد ينمو كل لحظة .
وريد يقتات من الحقد .
كم أحقد عليكم .ماذا بعد رحماك يارب

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار