مقالات

فتوى الحشد والانتصار

بقلم جمال العراقي :

غمامةً سوداءَ تجتاحُ الحدود العراقية من الجهة الشمالية الغربية للبلاد ، تُغْطي ثُلثَ مساحتهِ ، تُمطر الثبورَ والويلات على ابناءِ الموصل الحدباء ، متجهةً نحو تكريت والأنبار ، وواقفة على حدود محافظات الشمال ” دهوك واربيل وكركوك ، هذه الغمامة ، لم تكن سِوى أحقادٌ وَطَمع ،
مجموعة مِنّ الوحوش ومن مختلفِ الجنسيات اتوا لأرض الأنبياءِ والأولياء ، أرضِ الحضارات بابل و آشور أرض العلم ، و الحكمة ، و العدلِ ، فمنها تعلم الأنسان الكتابة وكانت مهد أول الحروف
“برموزها المسماريةِ” وهي اول ما كتب في التأريخ ، ومنها تعلمنا الخلود بالعمل الصالح و مِنْ لم تأسرهُ “ملحمةُ كلكامش” ، ومنها تعلمنا إن الأحكام لا تصدرُ إلا بقوانينَ مُشرعةً
فكانْت مسلة حمورابي
” أولَ نْصٍ قانْوني على وجهِ المعمورة ” ،
على ما يبدو إن هنالكَ قوىً خفيةً حاقدة لا يروق لها أن ينعم أهلَ هذا البلد براحة البالِ والطمأنينة ، وأيضاً الأيدلوجيات الطائفية هي الأخرى لعبت دوراً مهماً في دعم التنظيم الإرهابي للهجومِ علىّ العِراق ،
فَجندوا غِربانهُم وقاموا بالهجومِ على مدينةِ الموصل والتي سقطت على أثرهِ بيد
تنظيم “داعش الإرهابي” وسقطت من بعدها مدينة تكريت وأجزاء من كركوك والأنبار ،
ضُعفَ الأجهزةَ الأمنيةِ لأسباب عديدة منها قلةُ التسليح ،
و الخلاية النائمةِ منْ داخلِ تِلكَ المُحافظات كان لهما الدور البارز في سقوطِها و بسرعةٍ بيد التنظيم الإرهابي ،
معركةً هُزمت فيها القواتِ الأمنية و أستُشهد وجرحَ على إثرها الآلافُ مِنهم ولكنهم لم يخسروا بعد الحرب ،
في الحقيقة هي هزيمةً كأنما كانت مُقدّرةً لبيان بشاعة وهمجيةِ “تنظيم داعش” للعالم بأسره ،
ومجزرةُ العصر “سبايكر” شاهد على دناءة وخسةِ
ذلك التنظيم ،
كُل تِلكَ الأحداث جَرتْ بوقتٍ قصير وكانتْ شديدة السرعة مما أدت الى وقوفِ الحكومةَ عاجزةً عن فعلِ شيء في حينها ، حيثُ الحليف الاستراتيجى الأميركي لم يكُنْ بالمُستوى المطلوب بالتعاون في المجالات العسكريةِ لا منْ حيث الدعم على الأرض أو الجو ولا حتى الدعم اللوجستي ،
مما ادخل الحكومة والجيش بحالة من الصدمة والضياع ،
تلك الصدمة كان يجب ان يتصدى لها احد ما ، وبالفعل جاء النداء من ارض عليٍ عليه السلام
“النجف الأشرف” و هو نفس النداء الذي صدح وشحن الهمم إبان الأحتلال الأنكليزي في عشرين القرن المنصرم والذي اخرج المحتلين من البلاد ، هي جذوة من ثورة الإمام الحسين (ع) لم تنطفئ منذ اكثر من الف واربعمائة سنة ،
هذه المرة هدر الصوت من منبر كربلاء الحسين (ع) وكانت فتوى “الجهادالكفائي”
التي لم يحسب لها الأعداء حساب ولم تكن مجدولة ضمن خططهم ، فتهاوت اركانهم وذهبت ريحهم ، فتوى ركض على إثرها الكهول والشباب متوجهين الى ساحة العز و الكرامة ، ملبين دعوة الجهاد بنداء (لبيك يا حسين) ،
فكانوا أهلً لذلك النداء بالفعل فبدمائهم الزكية حررت الأرض والعرض ، وكانوا خير ضهير لإخوتهم من القوات الأمنية البطلة التي ردت الصاع صاعين للتنظيم الإرهابي ، ومثلوا اسمى آيات التضحية والوفاء و كانوا خير معين لإبناء المناطق المحررة ،
فطوبى لِمن أستُشهد ولِمن ينتظر ،
والفُ تحيةً لقائدِ الفتوى ومِثلُها لِمن لبى النداء .

أخبار ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار