مقالات

التوظيف الدلالي للموسيقى في العرض المسرحي

بقلم..د. محمد عمر ايوب:
استخدام الموسيقى التصويرية او التعبيرية والموثرات الصوتية الاخرى في العرض المسرحي قديم قدم المسرح بنفسة وحتى قبل ان يتشكل الفن المسرحي بصيغته المدنية في القرن الخامس قبل الميلاد فقد كانت الموسيقى مستخدمة في الطقوس الدينية وفي الاحتفالات القبلية وكان للطبول وضرباتها اثرها في تعزيز المشاركة الوجدانية للمشاركين في الطقس وللمراقبين له.
كانت الموسيقى جزءا مكملا للدراما الاغريقية اذا كانت ترافق المقاطع الكلامية وجزءا متصلا بكلام الجوقة المنغم وكانت الالات المستخدمة هي الفلوت والابو واستمر استخدام الموسيقى وموثراتها في المسرح الديني في القرون الوسطى حيث ترافق التراتيل في
الكهنة….. في عصر النهضة ظهر مايسمى الانترميزي وكان للموسيقى دور فيها وهي عبارة عن تسليات تحتوي المناظر والازياء والاضاءة والموثرات الخاصة وفي اواخر القرن السادس عشر اصبحت هذة التسلية شعبية جدا وتحولت هذة التسلية في القرن السابع عشر الى الاوبرا وهو نوع من الدراما الموسيقية ولعل اهم تطور تاريخي استخدام الموسيقى في العمل الدرامي قد حدث على يد الموسيقار ريتشارد فاغنر والذي دعى الى التوازن بين العناصر الموسيقية والعناصر الدرامية في الاوبرا وذلك بعكس ماكانت علية الاوبرا الاولى حيث تتغلب الموسيقى والعناصر الغنائية على عناصر الدراما.
كان شكسبير يعطي اهمية في مسرحياته ولها الاهمية في المسرح الاليزابيثي وفي ذلك الحين تحولت الموسيقى من جزء مكمل الى جزء اساسي في العرض المسرحي بحيث تصبح موسيقى تعبيرية عضوية ويمكن ان نجد في ارشادات ذلك الشاعر الكبير في مسرحياته اشارات في ذلك فنقرا جملا في نصوص مسرحياته مثل موسيقى جدية عميقة مثل البراكيل او موسيقى ناعمة او ابواق من الداخل او رعد او عاصفة.
ويمكن القول بان الموسيقى التعبيرية او التصويرية قد اصبحت عنصرا مهما عندما ظهرت المدرسة الواقعية في النص والعرض من شانها العمل على تحقيق عامل الايهام بالواقع عن طريق توفير مكونات البئية صوتيا وبصريا فكان لزاما تنفيذ بعض الموثرات الصوتية مثل صوت تساقط المطر او صوت الرعد او صوت ضجيج الشارع واصوات اطلاقات الاسلحة النارية وغير ذلك كما اصبح لزاما تحقيق الاجواء النفسية لمشاهد المسرحية ولدعم الموقف العاطفي الذي تمر بها شخصيات الدراما في استخدام موسيقى ترافق الفعل الدرامي او تتخلل فترات الصمت والفواصل بين المشاهد او الفصول.
ونرى ان استخدام الموسيقى في العرض المسرحي لازال هامشيا لعدم معرفة بعض المخرجين بالادب الموسيقى العالمي وعدم معرفتهم بالصياغات اللونية الفيزيائية للموسيقى واعتبار خط الموسيقى ثانويا اذا ياتي بعد استكمال كافة مفردات العرض مرة ساند ومرة غير ساند للفعل الدرامي ولكن المتوفر الحقيقي ان الموسيقى تشكل عنصرا عضويا ذات مفهوم دلالي وجمالي وحسي ودرامي وعاطفي قائما بذاته ولها تاثير مباشر في المتلقي اضافة الى ماتحملة من لغة مشتركة تعزز تثوير فعل الاداء التمثيلي وتحقيق عنصر الفعل القصدي في العرض المسرحي.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار