مقالات

الأربعون أسرار ودلالات

الكاتبة المسيحية : إيزابيل بنيامين ماما آشوري

لكل شيء دلالات نستقرأها من ممارسات الشعوب ، الدينية او الشعبية ومسألة الاحتفال او الحزن المنرجة تحت هذا الرقم تشمل جميع الناس في مهد الديانات ، ومهد الحضارات مهما تنوعت واختلفت حيث تراها لدى كل الأمم.

وهذه الأيام (الأربعون) وعلاقتها بأعمار الأشخاص حياتهم ووفياتهم لا تختلف في مفهوم ابن خلدون عن الفيثاغورية وفلسفة العدد عند أخوان الصّفاء وكذلك البيروني وبقية الفلاسفة يونان كانوا او عرب او من الصين والهند واليورب.

ففي مواطن التجارة فإن (أربعين) المرافىء او مايُعرف بـ الكرتنة هي من قوانين الخزن المبكتر .

وفي عرف الابدان فإن اللحم ينبت اللحم ومن تركه (أربعين) يوما ساء خلقه .

وفي عرف الأمثال فإنه يخلق من الشبه (أربعين) .

وفي عرف الدين من كذب على الكاهن لا تقبل له صلاة (أربعين) ليلة.

وفي اليقين فإنه من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبـل له صلاة (أربعين) ليلة .

وفي عالم الاجتماع فإنه من عاشر القوم (أربعين) يوما صار منهم .

وفي الصحة البدنية احذر النساء قبل العشرين واتركهم بعد (الأربعين).

وفي الامثال : بعد (الأربعين) يا رب تعين.

وفي الحديث فإنه مَنْ حَفِظَ على أمتي (أربعين) حديثاً بعثه الرب فقيها.

وفي العبادات فإن من صلى في مسجدي (أربعين) صلاة لا تفوته صلاة كتب له براءة من النار وبراءة من العذاب وبراءة من النفاق.

وفي عالم المطعومات فإن الرمان سيد الفاكهة ومن أكل رمانة أغضب شيطانه (أربعين) صباحاً.

وفي التواصل الاجتماعي فقد أوصى جبرائيل بالجار إلى (أربعين) داراً .

وقبل حمل خديجة بفاطمة اعتزل النبي (أربعين) يوما (1)

والمقدس القائم : يطيلُ الله عُمَره في غيبته ثم يُظهره بقدرته في صورة شاب دون (أربعين) سنة وعيسى ينزل في عمر (الاربعين).

ولن تخلو الأرض من (أربعين) رجلا مثل خليل الرحمن، فيهم تسقون وبهم تنصرون، ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر.

وفي الشعر : وان لعـــام الأربعـــين لروعـــة ــــ ويــوم بلوغ الأربعـــين رهـيــب.

وفي معاجز هذا الرقم فإن قول الرب في المائدة 26 (( قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض)) فإنها تساوي (40) حرفا وهنا تطابقت وحدات التصورالقرآني ، تماما مع الوحدات الزمنية للنص.

أما عقائديا بالنسبة لليهودية والمسيحية والاسلام فإن الرقم (اربعين) هو عددٌ تكاملي تام يكون بعده إما عذاب او رحمة . كما نرى ذلك في نصوص التوراة من أن الرب الله لم يعط لموسى الشريعة إلا بعد (أربعين) يوما اتمها صائما قائما على جبل حوريب كما في سفر الخروج 24: 18((ودخل موسى في وسط السحاب وصعد إلى الجبل. وكان هناك عند الرب أربعين نهارا وأربعين ليلة، لم يأكل خبزا ولم يشرب ماء)).

وهذا ما ايده القرآن حيث يقول في سورة البقرة 51 (( وواعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل)) . فكانت هذه الأربعون اختبارا لنوايا اليهود الذين كفروا بعدها مباشرة حيث قال لهم الرب : وانتم ظالمون

وهكذا كانت العقوبة ايضا (أربعين) سنة لا تزيد ولا تنقص لانهم عصوا الرب ولم يسمعوا قول موسى كما جاء في سورة المائدة 26 ((فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض)) وبعد الأربعين وصفهم بالفاسقين فقال : فلا تاس على القوم الفاسقين.

واكلوا المن والسلوى أربعين سنة سفر الخروج 16: 35 ((وأكل بنو إسرائيل المن أربعين سنة)).

وكذلك تتضح القيمة التكاملية أيضا في قول الرب في القرآن المقدس : (( حتى إذا بلغ اشده أربعين سنة)) الاحقاف 15.

وهكذا أغرق الرب الأرض في طوفان نوح حيث استمر المطر (أربعين) يوما كما نرى ذللك في سفر التكوين 7: 12((وكان المطر على الأرض أربعين يوما وأربعين ليلة)).

واستمر الطوفان على الأرض (أربعين) يوما كما في سفر التكوين 7: 17((وكان الطوفان أربعين يوما على الأرض. وتكاثرت المياه ورفعت الفلك، فارتفع عن الأرض)).

واختبار يسوع المسيح استمر (أربعين) يوما كما نرى في إنجيل متى 4: 2 ((فبعد ما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة، جاع أخيرا)).

وناح يعقوب على ولده بنيامين (اربعين) يوما حتى عميت عيناه .

واحتبس الوحي عن محمد ( 40 ) يوماً.

والغريب أن الحكمة لا تتفجر من قلب المؤمن إلا بعد (أربعين) يوما من الاخلاص كما نرى في رواية عن الباقرحيث يقول : ما اخلص عبد الإيمان بالله) أربعين) يوما إلا أنبت الحكمة في قلبه وانطق بها لسانه. بحار الانوار ج 70 ح 8 ص240

ولعلنا ندرك سر الأربعين في مسألة موت يعقوب وتحنيطه كما نقرأ في سفر التكوين 50: 3 ((وأمر يوسف عبيده الأطباء أن يحنطوا أباه. فحنط الأطباء ــ يعقوب ــ وكمل له أربعون يوما، لأنه هكذا تكمل أيام المحنطين)). حيث تنتهي دورة حياة البكتريا الهادمة للخلايا.

وختاما يقول المقدس العسكري علامات المؤمن خمس : وزيارة (الاربعين) .وسائل الشيعة ج10 باب 56 ح5

وهكذا اخي الطيب فإن للرقم (أربعين) شأنا عند الرب وعند الناس ولذلك اتخذت الامم الرقم (40) ليكون خاتمة احزانها . وأقر المتنورون إلوميناتي ضمن قرارات المورمون أن يكون الحزن على الميّت (40) يوما .

واعتبر (فريمورير لوسنجز) في بافاريا ضمن طقوس معينة، أن فراق الدالتر الكبير يعقبه حزن أربعين يوما حتى يغادر قبره بسلام إلى عالم الأحياء. وهذا ما أقرّه اليسوعي الفرنسي أوغسطين بيرويل في كتابه (مذكرات في تنوير تاريخ اليعقوبيون). حيث قال بأن الأربعين هي للخلاص من الجسد والتحرر إلى عالم الأحياء.

ومن الغريب أن تقوم (منظمة الفرسان المتنورين) التي تضم في صفوفها الكثير من المثقفين والسياسيين والدوقات، أمثال فرديناند من برونزويك والدبلوماسي كزافييه فون، والبارون أدولف فرانز اضافة إلى الكثير من الأدباء مثل: يوهان فولفغانغ فون غوته، ويوهان غوتفريد هيردر، والكثير من الكتاب أمثال مارك إلنرد، ديفيد آيك، رايان بيرك، لينا مورغان هذه المنظمة اقرت في قانونها انتخاب الماردير الأكبر بعد مرور أربعين يوما على موت الزعيم حيث يغادر هذا العالم الفاني بعد أربعين يوما إلى الأبدية ملتحقا بالروح الخالدة وهذا ما نراه واضحا في الكتاب المقدس الذي استمدوا منه هذه العقيدة حيث يقول : (الذين أراهم نفسه حيا ببراهين كثيرة، بعد ما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوما).فبعد موته ودفنه بقيت روحه في الجسد لم تتحرر إلى أربعين يوما.(2)

وهكذا تحكي لنا تواريخ الأمم قصة هذه الأربعون يوما حيث يعتقدون ان الاموات يُغادرون العالم الفاني بالروح والجسد بعد الأربعين إلى عالم الخلود الأبدي عالم الأحياء لأن (الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح).(3)

المصادر:

توضيح ــــــــــــــــ

1- الرواية طويلة نذكر منها: بينما كان النبي جالساً بالأبطح إذ هبط عليه جبرئيل فناداه : يا محمد! العليّ الأعلى يقرئك السلام ، وهو يأمرك أن تعتزل خديجة أربعين صباحاً.

2- رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 3: 16.

3- سفر أعمال الرسل 1: 3

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار