مقالات

افتوني من يتحمل مسؤولية الانفتاح !؟

بقلم ✍️عمر الناصر||

قد يتبادر لاذهاننا احياناً بأننا قد خُلقنا في زمان ليس زماننا، حينها نستدرك ونتوقف عن التفكير ونتعوذ من الشيطان الرجيم ، وقد نصاب بالدهشة عندما نسمع الاخير يهمس في اذاننا ليقول استغفروا ربكم فقد ظلمتموني هذه المرة فليس لي ذنب بما سولت انفسكم المريضة واطلبوا الصفح من الله كي لا يكون ذنبكم مضاعف ..

كل شيء في عالمنا قد اختلف ويبدو ان الانفتاح لم يكن هنالك عملية تمهيد نوعية للبدء بتطبيق خطواته بصورة تدريجية لمعرفة ردود الفعل ولجس النبض قبل البت بقرار قبول هذا المفهوم او رفضه وانما وجدنا انفسنا في واقع مرير قد فرض نفسه بقوة دون مقدمات وفرض إملاءاته علينا دون ارادتنا، ومثال على ذلك التكنولوجيا الحديثة التي جعلت الانسان عبداً لها كأنه يخضع للتنويم المغناطيسي الشامل ،فأصبح هذا المفهوم يخدم بشكل او بأخر طبقة معينة من الناس لا لغرض تقديم المنفعة لهم بل بقدر زيادة التفاهات والانشقاقات والامراض المجتمعية التي لايكترث لخطورتها ولتداعياتها الكثير من الطبقة السياسية القابضة على السلطة، التي تتحكم في مفاصل ومؤسسات لها تماس مباشر بأعادة تأهيل الثقافة المجتمعية والارتقاء بها لمصافي المجتمعات المتحضرة .

تلك الطبقة التي اضحت تؤمن ايماناً قطعياً بالكاريزما المجتمعية التافهة التي هي عكس الكاريزما المغرورة او المعقدة لها القدرة والإمكانية لأن تدخل وتنتشر داخل المنازل كالنار في الهشيم ،وكأنها فايروسات او طفيليات يدعم تكاثرها وتفقيس بيوضها بعض وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لتكوين هالة ايجابية حولها رغم نبذها من قبل الاعم من الناس لكونها تتناسب عكسياً مع العادات والتقاليد المجتمعية نتيجة الفهم والتفسير الخاطئ لمفهوم الانفتاح على الثقافات الاخرى .

ان اخطر الامراض المجتمعية تلك التي تفتك وتستهدف البنية التحتية للموروث الثقافي والاجتماعي الاصيل عن طريق ادخال سلوكيات وافكار منحرفة تتناسب عكسياً مع طبيعة الفرد وثقافة المجتمع لدينا والتي بدأت اليوم تأخذ اتجاه الانعزال الفردي في اتخاذ القرارات الشخصية بعد ان كانت قبل اكثر من ٢٠ عام خاضعة لتأثيرات المحيطين من المقربين، وكأن سلوكها اصبح ايضاً تابع للمتغيرات كحال الوضع السياسي لاستنساخ نمط العيش على غرار بعض المجتمعات الغربية ذات العلاقات الاجتماعية المتفككة والمبتعدة كلياً عن اواصر وقوة العلاقات الاجتماعية وتماسك الافراد بجذورهم وانتماءاتهم العائلية.

ما زلنا اليوم نرى الكثير من الناس لديهم طموحات لكي يكونوا شخصيات مشهورة فتراهم يميلون الى اتباع غير المألوف الذي يستخدم من اجل الوصول الى الشهرة لكي تكون له القدرة على الانتشار بصورة سريعة من خلال استخدام افكار دخيلة وهجينة غير مقبولة مجتمعياً وغير لائقة نسبياً او قد تكون ذات مقاس واسع لا يتناسب مع الحجم الحقيقي لهم فتجد معايرها تختلف مع الواقع الذي هم عليه.

الانتشار والترويج ينقسم لقسمين، الأول ترويج مدفوع الثمن وهو ما يلجئ اليه الذي لديه القدرة المادية لان لديه أحيانا مادة علمية دسمة ورصينة فيها فائدة وخدمة للمجتمع والانسانية من اجل العمل على انتشارها وتطويرها وايصالها للراي العام لتعم الفائدة بشكل اوسع ، او قد يكون ترويج تجاري لاغراض التربح والكسب المشروع لايصاله لاكبر جزء من الجهة المستهدفة ، والقسم الثاني ترويج مجاني ولا يكون هذا إلا عن طريق النشر المستمر بشتى المواقع وبطريقة عشوائية وعلى نطاق واسع لتتلقفه كل الفئات لكن من يتذوقه ويتلذذ بطعمه فقط ذلك المتلقي الذي يلامس المحتوى فعلياً طبيعة اهتماماته وتوجهاته الفكرية، وهنا يلعب مستوى ومنسوب الوعي الفكري لدى صانع المحتوى والفئة المستهدفة دوراً اساسياً في رفع او خفض نسبة مشاهدة او مشاركة المنشور او تدنيه على اعتبار ان من يحدد ذلك هو تدني او ارتقاء معايير السلوك الاجتماعي والفكري والاخلاقي وعامل التربية والتعليم اللذان هم اكثر العوامل المؤثرة على ارتقاء المجتمعات او انحدارها.

ان تفشي وازدياد حالات العنف واثارة الكراهية المفرطة والسير خلف الشخصيات التافهة في بعض الفئات المجتمعية يقف خلفها قطعاً الاستخدام الخاطئ للاجهزة الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، فقد اصبح ذلك وسواس يؤرق الكثير من الناس وهو ناقوس خطر يفتك بالبنية الفوقية للمجتمع، وما موضوع رصد ١٥٠٠ حالة ابتزاز الكتروني ضد النساء في عام ٢٠٢١ الا دليل دامغ على انه استهداف ممنهج للمنظومة المجتمعية بأسرها، وان تنامي حالات تبادل الزوجات والالحاد وانتشار الدعارة بداعي التطور والثقافة،ماهي الا سابقة خطيرة تهدد أسس النسيج الاجتماعي والمُثُل العليا والقيم السامية التي تحددها معايير وسلوكيات واطر تحكمها العادات والتقاليد الاصيلة التي تنظم مفاهيم الحقوق والحريات المنضبطة على اعتبار ان الديموقراطية تؤمن بالحرية التي بدورها تعني المسؤولية ولا تكون ثغرة للانفلات استنادا الى مبدأ المعروف عُرفاً كالمشروط شرطاً، وبالتالي يبقى السؤال قائم من يتحمل مسؤولية ذلك الانفتاح !؟

انتهى ..

خارج النص / اشار مركز الإعلام الرقمي العراقي في فبراير الماضي يبلغ عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد نحو ٢٥ مليون مواطن.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار