العربي والدولي

انهيار هدنة أحادية في السودان.. واشتباكات عنيفة تهزّ الخرطوم

أعلنت قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان أنها وافقت على هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة بدأت في السادسة صباح اليوم الجمعة بالتوقيت المحلي (0400 بتوقيت غرينتش)، إلا أن سكانا في الخرطوم ومدينة بحري أفادوا بوقوع إطلاق نار فيما تنتشر قوات مترجلة من الجيش السوداني في المدينتين.
  
 
وأضافت قوات الدعم في بيان: “الهدنة تأتي تزامنا مع عيد الفطر المبارك ولفتح ممرات إنسانية لإجلاء المواطنين وإتاحة الفرصة لهم لمعايدة ذويهم”.
 
ووقعت انفجارات بالعاصمة الخرطوم وسمع دوي قصف بالمدفعية قبل الإعلان عن الهدنة، وسمع شهود إطلاق نار حتى قبل موعد صلاة العيد والتوقيت المقرر لدخول الهدنة حيز التنفيذ.
 
وأكدت لجنة أطباء السودان المركزية في منشور على فايسبوك: “في ليلة عيد الفطر المبارك تعرضت قبل قليل وما زالت تتعرض مناطق متعددة من الخرطوم للقصف والاشتباكات المتبادلة بين قوات الجيش والدعم السريع”. وأضافت أن هذه المواجهات “خلفت دمارا طال المباني والمنشآت والممتلكات العامة”.
 
وقال سكان إن جنودا ينتشرون سيرا على الأقدام في بعض الأحياء، مما يعني على ما يبدو أن الجيش يستعد لمزيد من الاشتباكات.
 
وفي مدينة بحري على الضفة الأخرى من نهر النيل قال سكان إن الجيش نشر أعدادا كبيرة من القوات وأنه يمكنهم سماع دوي تبادل إطلاق النار بين قوات الجيش والدعم السريع.
 
واندلع القتال بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني يوم السبت، الأمر الذي أخرج خطة مدعومة دوليا للانتقال إلى الديمقراطية المدنية عن مسارها بعد أربع سنوات من سقوط الرئيس السابق عمر البشير في احتجاجات حاشدة، وبعد عامين من انقلاب عسكري.
 
وفي بيانها، قالت قوات الدعم السريع إنها أُجبرت على هذه الأوضاع “دفاعا عن النفس وللتصدي لانقلاب قيادة القوات المسلحة”. وأكدت في الوقت نفسه التزامها “بالوقف الكامل لإطلاق النار” خلال الهدنة التي أعلنتها.
 
ولقي ما لا يقل عن 350 شخصا حتفهم حتى الآن في الصراع العنيف على السلطة بين الحليفين السابقين قائد الجيش السوداني البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.
 
من جهته، ألقى البرهان خطابا موجها إلى السودانيين بمناسبة عيد الفطر عبر التلفزيون الحكومي، في أول ظهور له منذ بدء القتال في 15 نيسان (ابريل) لم يشر فيه إلى أي هدنة.
 
وقال البرهان الذي ظهر ببزة عسكرية جالسا في مكتب بين علمين للسودان: “تمر على بلادنا هذا العام مناسبة عيد الفطر المبارك وبلادنا أصابها جرح بالغ الخطورة”.
 
وأضاف: “يبقي الأمل الدائم في أننا مع شعبنا العظيم سنتجاوز هذه المحنة ونخرج منها أكثر وحدة وقوة وتماسكا ويزداد هتافنا قوة جيش واحد شعب واحد”.
 
وتابع أن “قواتكم المسلحة تتقدم في حسم المتمردين”، مؤكدا أنه “على ثقة في تجاوز هذه المحنة بالحكمة والقوة وبما يحافظ على أمن ووحدة البلاد ويمكننا من الانتقال الآمن للحكم المدني”.
 
وأطاح الصراع بالآمال في إحراز تقدم نحو الديومقراطية في السودان، كما أنه قد يلعب دورا في منافسة إقليمية بين روسيا والولايات المتحدة.
 
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركيّة الخميس أنّ الولايات المتحدة بصدد إرسال عسكريين إلى المنطقة تحسّبا لاحتمال إجلاء طاقم سفارتها في الخرطوم.
 
في السياق، ذكرت وكالة “يونهاب للأنباء” اليوم أن كوريا الجنوبية قررت إرسال طائرة عسكرية إلى السودان لإجلاء مواطنيها. وأضافت أن هناك 25 مواطنا كوريا يعيشون في السودان والمعروف أنهم جميعا بخير.
 
مناشدة من الأمم المتحدة
 
وكانت قوات الدعم السريع قد نددت في وقت سابق من اليوم بالجيش وقالت إنه ينفذ هجوما كاسحا يستهدف الأحياء السكنية.
 
وقالت في بيان: “في هذه اللحظة التي يستعد فيها المواطنون لاستقبال أول أيام عيد الفطر، تستفيق أحياء العاصمة الخرطوم على وقع قنابل الطائرات والمدافع الثقيلة في هجوم كاسح استهدف بشكل مباشر الأحياء السكنية”.
 
وفر آلاف المدنيين من العاصمة الخرطوم وسط إطلاق نار وانفجارات أمس الخميس. وعبرت أعداد كبيرة الحدود إلى تشاد هربا من القتال الدائر في منطقة دارفور بغرب السودان.
 
ويطلق كل من الجانبين إعلانات نصر واتهامات للطرف الآخر لا يمكن التحقق منها على الارض بسبب خطورة الوضع.
 
وقال أطباء إن سلاح الجو الذي يستهدف قواعد ومواقع قوات الدعم السريع المنتشرة في المناطق السكنية لا يتردد في إلقاء القنابل، وأحيانا فوق المستشفيات.
وذكرت نقابة الأطباء أن “سبعين بالمئة من 74 مستشفى في الخرطوم والمناطق المتضررة من القتال توقفت عن العمل” إمّا لأنها قُصفت أو لنقص الإمدادات الطبية والكوادر أو بسبب سيطرة مقاتلين عليها وطردهم المسعفين والجرحى.
 
وناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس الخميس الجانبين وقف إطلاق النار للسماح للمدنيين بالوصول إلى مناطق آمنة.
 
وقال غوتيريش للصحفيين بعد اجتماع عبر الإنترنت مع قادة الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمات أخرى: “كان هناك توافق شديد في الآراء على إدانة القتال الدائر في السودان والدعوة إلى وقف الأعمال العدائية باعتبار ذلك أولوية فورية”.
 
وأضاف أنه يتعين السماح للمدنيين المحاصرين في مناطق النزاع بالخروج من هذه المناطق والحصول على العلاج الطبي والغذاء والإمدادات الأخرى.
 
وقال قائد الجيش السوداني البرهان لقناة “الجزيرة” إنه سيدعم هدنة بشرط السماح للمواطنين بالتحرك بحرية، وهو أمر قال إن قوات الدعم السريع تمنعه حتى الآن.
 
وقال أيضا إنه لا يرى حاليا طرفا آخر ليفاوضه وأن لا خيار إلا الحل العسكري.
 
على الجانب الآخر، قال دقلو لقناة “الجزيرة” إنه مستعد لتنفيذ هدنة لمدة ثلاثة أيام في العيد.
 
وتابع: “نتحدث عن هدنة إنسانية… نتحدث عن ممرات آمنة… لا نتحدث عن الجلوس مع مجرم”.
 
انقلاب فاشل
 
ويتهم البرهان حميدتي بالرغبة في “الاستيلاء على السلطة”.
 
وحميدتي كان حتى الأسبوع الماضي نائب البرهان في مجلس السيادة الذي يحكم البلاد منذ انقلاب وقع قبل عامين.
 
وصمد إلى حد كبير التحالف بين الرجلين منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير قبل أربع سنوات. وشهد حكم البشير تحول السودان إلى دولة لا تحظى بترحيب دولي ومدرجة على القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.
 
واندلعت أحدث أعمال العنف بسبب الخلاف على خطة مدعومة دوليا لتشكيل حكومة مدنية جديدة. ويتبادل الجانبان الاتهامات بإحباط عملية الانتقال.
 
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي أمس الخميس إن ما بين عشرة و20 ألف شخص فروا من القتال لجأوا إلى القرى الواقعة على طول الحدود داخل تشاد.
 
وكان حوالي ربع سكان السودان يعانون بالفعل من الجوع الشديد حتى قبل اندلاع الصراع. وأوقف برنامج الأغذية العالمي واحدة من كبرى عمليات المساعدات العالمية التي يقدمها في السودان يوم السبت بعد مقتل ثلاثة من موظفيه.
 
“النهار العربي”

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار