المحلية

صناعة الوهمْ والحروب العبثية !؟

الجزء الاول ..

بقلم ✍️عمر الناصر/ كاتب وباحث سياسي

لنتعرف اولا ولنفكك رمز الوصف الحقيقي للوهم لنستطيع من خلال ذلك تعريفه بشكل يتناسب مع موقعه بين الاحداث لان تشويه شكل الحقيقة يستند ويتعكز بالعادة على فكر ضعيف يراد به ان تكون له هالة اعلامية تقوي من نفوذه وتواجده داخل البيئة المحيطة به لتبدأ من خلالها بقية الحواس الاخرى بالعمل على تنميته وجعله قوة كامنة لها نفوذ أكبر من القدرة الحقيقية الموجودة لديه، لان صناعة الوهم تعني أن يكون توجيه العقول باتجاه حقل معين ‏بعيد جداً عن الواقع لإظهارها بأنها كاملة متكاملة لاتشوبها أي شوائب أو سلبيات.

ليس بالضرورة ان يكون استخدام هذه النظرية في أوقات معينة أو في مجالات خاصة وانما هي جاهزة للعمل في أغلب الأوقات ومن قبل مختلف الجهات على اعتبار بأن اغلب المشاكل النفسية التي يتعرض إليها الإنسان يكون جزء كبير منها مؤمن بوجود قناعة راسخة لأشياء غير موجودة على الإطلاق تساعد على اشاعة وترسيخ مايسمى بالقلق او الرهاب لدى الكثير من المتلقين والتي تعد من ضمن إحدى المرتكزات التي تتبعها الكثير من الأنظمة السياسية لكسر ارادات الخصوم .

صناعة الوهم مرتبطة كلياً بالرأي العام لغرض اشعار الجمهور بقوته الغير مرئية لغرض تجييرها سياسياً واقناعهم بطريقة مباشرة او غير مباشرة بمدى اهميتهم في تغيير مجريات الاحداث اذا ما تم تسليط ضوء الإعلام على ذلك الموقف لغرض حبكهُ سياسياً و إنتقاء خيوط حياكته بصورة احترافية لكي يخلق قوة كامنة ذات طاقة عالية تستطيع أن ترفع من معنويات وقدرات القوى الموجودة على الارض والتي تستخدم بالعادة كدروع بشرية من اجل طحنها بطريقة ذكية وقذرة، وعادة ما تكون تلك النظرية مستخدمة في اغلب حروب الاستنزاف كما حدث في حرب الخليج عام ١٩٩١ وانكسار القوات العراقية بصورة كبيرة بعد فشل محاولة اقناعهم بضرورة الايمان واليقين المطلق بحكمة القيادة السياسية وقدرتها على حسم المعركة من اجل رفع المعنويات ومحاولة خداع وعمى مؤقت لاظهار القدرات الأمريكية بأنها ضعيفة أمام قدراتنا العسكرية فصنع من ذلك وهماً كبيراً ادى إلى انتكاسة فعلية وخسائر كارثية مضاعفة لحقت بقواتنا بعد عملية الانسحاب من الكويت ، او حتى عند سقوط الموصل بيد تنظيم داعش الارهابي عام ٢٠١٤ التي كان من جملة الاسباب وجود ماكنة اعلامية وبروبوغاندا معادية عملت بصورة مزدوجة لاشاعت وهم تعاطف داعش مع اهالي المدينة في مظلوميتهم تجاه الحكومة من ناحية وبث الرعب والفوضى بين صفوف الجيش من ناحية اخرى التي ساعدت على تقهقر القدرات العراقية امام الارهاب .

كلنا يعرف بأنه السياسة هي ميدان يتصارع به الأذكياء والحروب العسكرية لايمكن تقسيمها لحروب نافعة وحروب ضارة فالحروب جميعها عبثية وهي ميدان يتصارع به الأغبياء ولكن قاعدة شواذ فتجد أن الدول التي لديها قدرات عسكرية وسياسية خارجية ذكيه عادة ما تدفع باتجاه أن تكون اراضيها بعيدة جدا عن الحروب العبثية التي تؤدي إلى زعزعة الأمن القومي والاقتصاد بطريقة او بآخرى في وقت مازلنا اليوم ندور في فلك التقوقع الفكري والتبعية السياسية ولم نأخذ بسياسة النأي بالنفس عن سياسة المحاور او التوترات السياسية الاقليمية لاخذ العِبر مما نرى من احداث محيطة بنا ، ولم نجرأ على تغيير مسار الخطوط التي تم تحديدها ورسمها لنا بأرادات دولية واقليمية من دون ان نتعب حواسنا على اعادة المراجعة وتقييم مواقف تلك الدول تجاه قضايانا المصيرية لاخذ لون مسار حيادي نستطيع من خلاله تحديد رؤية ناضجة جديدة للخروج من الاشراك الخداعية التي تعتبر من اكثر الاسلحة فتكاً لاتحتاج لاموال طائلة ولا لتدخل عسكري سوى عقول تخطط وتفكر واعلام اصفر ينُظر.

يتبع …

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار