السياسيةتقارير وتحقيقات

تقرير: حراك مكثف في العراق لتأسيس ’إطار تنسيقي سُني’.. من هم أبرز المدعوّين؟

كشفت تقرير عن مصادر سياسية عراقية قولها، اليوم الخميس، أن الساحة السنية في العراق تشهد حراكاً مكثفاً لإنتاج “إطار تنسيقي سني” يضم جميع القوى والشخصيات السياسية للمكون، على غرار “الإطار التنسيقي” الشيعي، الذي يضم جميع القوى السياسية الشيعية باستثناء التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر.
  
 وأضاف التقرير الذي تابعته أرض آشور الإخبارية، انه”يعد “الإطار التنسيقي” الشيعي الحليف الأقرب لإيران، واستطاع تشكيل حكومة توافقية في العراق برئاسة محمد شياع السوداني في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عقب إعلان كتلة التيار الصدري استقالتها من البرلمان، بعدما أخفقت في تشكيل حكومة أغلبية سياسية.
 
مصادر أوضحت أن “زعيم حزب تقدم رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي عقد في 8 أبريل/نيسان الجاري، اجتماعاً مع نواب ومرشحي حزبه لانتخابات مجلس محافظة بغداد، تحدث فيه عن مساعيه لتشكيل إطار تنسيقي سني”. 
 
الحلبوسي أكد- بحسب المصادر- أن الغرض من فكرة إنشاء إطار تنسيقي سني هو “إيجاد مرجعية سياسية للسنة في العراق، وذلك لتوحيد قراراتهم في البلد والضغط على الطرف الشيعي لتلبية ما جرى الاتفاق عليه قبل تشكيل الحكومة الحالية بقيادة السوداني”.
 
من أبرز ما اتفقت عليه القوى السنية ضمن ورقة وقعتها أطراف “ائتلاف إدارة الدولة” الذي تبنى تشكيل الحكومة، هي إقرار قانون العفو العام، وإعادة النازحين السنة إلى مناطقهم، لا سيما في منطقة جرف الصخر شمال محافظة بابل، وإلغاء قانون المساءلة والعدالة (يمس التعددية السياسية)، وإحداث التوازن المكوناتي (الطائفي) في مؤسسات الدولة، خلال 6 أشهر من عمر الحكومة.
 
يذكر في هذا الصدد، أن تحالف “إدارة الدولة” تأسس في 25 سبتمبر/أيلول 2022، بعد انسحاب التيار الصدري من البرلمان، ويمثل الأغلبية التشريعية كونه مُشكّلاً من “الإطار التنسيقي” الشيعي، والحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكرديين، وتحالفي السيادة وعزم السنيين، وحركة بابليون المسيحية، وبعض المستقلين.
 
تحدث رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، خلال الاجتماع المذكور عن أن “المشكلات القائمة للسنة اليوم مع الإطار التنسيقي الشيعي، تحتاج إلى إجماع سني كبير لتحقيق المطالب التي تقدم بها السنة أثناء مرحلة تشكيل الحكومة”، بحسب المصادر ذاتها.
مصادر سنية أخرى في البرلمان، اعتبرت أن الحلبوسي “يسعى إلى الحصول على تأييد القيادات السنية التي تصدرت المشهد السني سابقاً للإطار الذي يرغب بتأسيسه، بعد استشعاره بقرب إزاحته من رئاسة البرلمان، بعد خلافات مع رئيس الوزراء، ومقاطعة أعضاء حزبه للجلسات الخاصة بإقرار الموازنة المالية، في محاولة لعرقلة تمريرها”.
 
أبرز المدعوّين للإطار الجديد
الحلبوسي تحرك نحو قيادات سنية، ووجه إليها دعوات لحضور اجتماع كان من المقرر أن يعقد الثلاثاء 10 أبريل/نيسان الجاري، من أبرزهم رئيسا البرلمان السابقان؛ محمود المشهداني، وسليم الجبوري، ونائبا رئيس الوزراء السابقان؛ صالح المطلك ورافع العيساوي، وفق المعلومات التي كشفتها المصادر.
 
من الأشخاص الذين وجه إليهم محمد الحلبوسي الدعوة أيضاً؛ زعيم تحالف السيادة (السني) خميس الخنجر، وجمال الضاري ‏الأمين العام لحزب المشروع الوطني العراقي، وجمال الكربولي رئيس حزب الحل، ومثنى السامرائي زعيم تحالف عزم (السني).
 
لكن الاجتماع المقرر انعقاده ألغي -بحسب المصادر- بسبب عدم قبول القيادات السنية الجلوس مع الحلبوسي، الذي لديه علاقات متوترة مع معظم القادة السنة، لا سيما مثنى السامرائي زعيم تحالف عزم.
 
من جهته، أكد عضو تحالف عزم (السني) النائب محمد نوري العبد ربه، أنه “بالفعل هناك دعوات لإجراء لقاءات بين القوى السنية، لكنها لم تصل حتى الآن إلى تشكيل إطار سني بهذا الحجم، وأنه في الوقت الحالي لا تزال كل كتلة تحتفظ بكيانها، وباقية على ما هي عليه”.
 
لكنه نفى أن تكون قد وجهت إليهم دعوة من محمد الحلبوسي لتشكيل مثل هذا التحالف، إلا أنه أضاف أن “الكتل السياسية السنية واضحة وقد تختلف في موقف معين وربما تتفق، وهذا كحال باقي القوى السياسية، فالشيعة لديهم نحو 8 كتل، والأكراد 4 إلى 4، والكتل السنية هناك 2 أو 3 منها تتزعم المشهد”.
 
وأشار النائب إلى أنه حصلت لقاءات بين القوى السنية “كانت تتعلق بضرورة احترام ما اتفق عليه مع القوى السياسية الأخرى، والتي جرى على أساسها تشكيل الحكومة، وضرورة تنفيذها”.
 
كذلك نفى مكتب رئيس البرلمان الأسبق النائب الحالي محمود المشهداني أن “يكون قد تلقى دعوة من الحلبوسي للدخول في كتلة جديدة يطلق عليها الإطار التنسيقي السني”.
 
المكونات السنية والخلافات بينها
يمثل السنة ثلاثة كتل سياسية في البرلمان العراقي حالياً:
 
تحالف “السيادة” المشكل بين الحزبين: تقدم برئاسة محمد الحلبوسي، والمشروع العربي بقيادة رجل الأعمال خميس الخنجر. ويرأس الأخير هذا التحالف الذي يبلغ عدد نوابه 58 نائباً.
 
ثانياً، تحالف “عزم” ويضم حزبي “المسار” برئاسة مثنى السامرائي و”الجماهير الوطنية” بزعامة أحمد الجبوري (أبو مازن)، وشخصيات سياسية مستقلة، ويقود التحالف مثنى السامرائي، بواقع 14 نائباً.
 
وأخيراً، كتلة حزب المشروع الوطني العراقي بزعامة جمال الضاري، وتضم نائباً واحداً هو خالد سلطان هاشم.
في مقابل محاولات محمد الحلبوسي تشكيل “الإطار السني”، تجري تفاهمات جديدة لتشكيل كيان سياسي سني جديد على غرار “القائمة العراقية” التي فازت في الانتخابات البرلمانية عام 2010 بحصولها على 91 مقعداً، وفقاً للمصادر ذاتها.
 
وأكدت المصادر، طالبة عدم ذكر اسمها، أن الحلبوسي لا يزال يجري تفاهمات من أجل تشكيل مرجعية سياسية سنية تحت مسمى “الإطار السني”.
 
حول هذه النقطة، يقول رئيس كتلة تصميم في البرلمان العراقي، النائب عامر الفايز عامر الفايز، إن “الحلبوسي يحاول إيجاد مرجعية سياسية للسنة كما هي لدى المكون الشيعي، لأن القوى السنية مُشتتة في محاور عدة، لذلك هم يريدون جمع هذه المحاور ضمن الإطار السني حتى يوحدوا مواقفهم”.
 
الفايز أكد أن محمد الحلبوسي يحاول من خلال تشكيل هذا “الإطار” تصدر المشهد السني، لكنه من الصعوبة بمكان أن يتم إنشاء مثل هذا التكتل في الوقت الحالي، لأن الأخير يريد أن يتزعمه، وهذا لا يمكن أن يقبل به باقي القادة السنة.
 
ولفت إلى أن “الحرس القديم من القادة السنة لن يقبلوا أن يتزعم الحلبوسي مثل هذا التكتل الكبير، لأن الأخير يحاول في كل مرة ويطمح أن يقود المشهد السني، لكنه لا يحظى بقبول الآخرين له”.
 
وأشار الفايز إلى أن الحوارات مستمرة حتى الآن لتشكيل مثل هذا التحالف بين الحلبوسي وزعامات المكون السني، رغم الرفض الذي تلقاه من عدد من القادة السنة لأسباب تتعلق بشخص الأخير الذي يريد قيادة التكتل الجديدة.
 
على نحو مماثل، نشر السياسي والنائب السني السابق، مشعان الجبوري، تغريدة على “تويتر” في 9 أبريل/نيسان 2023 أكد فيها أن “أسامة النجيفي (رئيس البرلمان الأسبق) والشيخ خميس الخنجر، ومثنى السامرائي، ورافع العيساوي ومن معهم، وبما يمثلونه من عناوين، لن يكونوا جزءاً من (الإطار التنسيقي السني) الذي يسعى محمد الحلبوسي لتشكيله”.
 
وأضاف الجبوري: “الشائعات تقول إن محمود المشهداني وسليم الجبوري وصالح المطلك سينضمون له!”.
 
خلافات الحلبوسي والسوداني
يأتي الحراك السياسي الحالي في ظل خلافات بين رئيس البرلمان القيادي في تحالف السيادة (أكبر كتلة للسنة في البرلمان) وبين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيال عدد من الملفات والقضايا السياسية التي طفت إلى الساحة مؤخراً في العراق.
 
على ضوء ذلك، منح رئيس البرلمان إجازة لنفسه مدة أسبوعين، في محاولة منه لإعاقة تمرير الموازنة المالية لثلاث سنوات (2023، 2024، 2025) التي أرسلتها حكومة السوداني للبرلمان لإقرارها، والتي تتضمن مشاريع ضخمة تعوّل عليها الحكومة.
 
عن أسباب الأزمة التي اندلعت بين الطرفين، قال السياسي العراقي صالح المطلك، خلال مقابلة تلفزيونية في 6 أبريل/نيسان 2023 إن “الخلاف سببه التمدد على القضايا التنفيذية، إذ يفترض على رئيس البرلمان (محمد الحلبوسي) أن تكون قضيته الأساسية التشريع والرقابة”.
 
واستدرك المطلك، قائلاً: “أن يكون رئيس البرلمان بديلاً عن المحافظ هذا غير مقبول لكل حكومة تحترم نفسها، ويجب أن يتم وضع حد لهذا الأمر، لأن رئيس الوزراء هو المسؤول التنفيذي، وعلاقته مباشرة بالمحافظين، ومحاسبتهم تتم من الأخير، وليس من غيره، ما لم يتم استدعاؤهم إلى البرلمان”.
 
في السياق ذاته، كشفت محطة “يو تي في” الفضائية العراقية في 6 أبريل/نيسان الجاري عن أن “الخلاف بين الاثنين سببه يعود إلى الموازنة المالية، لأن رئيس البرلمان لم يوافق على إقرارها لمدة ثلاث سنوات، لأن السوداني إذا ضمِن هذه الموازنات فإنه سيتقوّى على البرلمان، ولن يكون خاضعاً له”، وفق تقريرها. 
 
السبب الثاني للخلاف بين الطرفين، يتعلق بالتغييرات في المناصب الأمنية التي يجريها السوداني بين الحين والآخر لشخصيات كبيرة في وزارتي الداخلية والأمن الوطني المحسوبين على الحلبوسي دون الرجوع إليه واستشارته بالأمر.
 
لكن ما عمّق الخلاف بين الطرفين بشكل أكبر، هو حادثة اعتقال طالت 5 من الموظفين، من بينهم مدير التسجيل العقاري في الأنبار (مسقط رأس محمد الحلبوسي) الذين جرى اعتقالهم بتهمة “التزوير والتلاعب بالمال العام”.
 
كانت هيئة النزاهة العراقية، في 5 أبريل/نيسان الجاري، كشفت عن تنفيذها عملية “كبرى واستثنائية” بمديرية التسجيل العقاري في محافظة الأنبار، أسفرت عن القبض على مديرها و5 مسؤولين فيها بتهمة التلاعب والتزوير في أضابير تمليك عشرات الآلاف من الأراضي.
 
كذلك أعلنت الهيئة ذاتها في 10 أبريل/نيسان الجاري عن صدور أمر استقدام بحق علي خليفة الدليمي، محافظ الأنبار الحالي، المقرب من الحلبوسي؛ على خلفية تهمة الإضرار بالمال العام.
 
بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية (واع)، فإن دائرة التحقيقات في الهيئة أكدت أن “محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية أصدرت أمراً باستقدام محافظ الأنبار الحالي، في قضية المخالفات والخروقات المرتكبة في مُديرية التسجيل العقاري بالأنبار”.
 
أشارت الهيئة إلى أن “أمر الاستقدام  صدر بحق المتهم؛ استناداً إلى أحكام المادة (340) من قانون العقوبات العراقي؛ جراء الإضرار عمداً بأموال ومصالح محافظة الأنبار، بتوزيع قطع أراضٍ سكنية في المناطق المحيطة بمطار الأنبار المزمع إنشاؤه، وذلك بالاتفاق مع عددٍ من المتنفذين في المحافظة”.
 
الحلبوسي بدوره نفى علاقته بقضية التسجيل العقاري في محافظة الأنبار، مؤكداً خلال مقطع فيديو نشرته منصات قريبة منه خلال زيارته، الإثنين 10 أبريل/نيسان، إلى إحدى ضواحي بغداد، أن المتورطين في القضية سيأخذون جزاءهم بسبب الأخطاء التي ارتكبوها في قضية بيع قطع الأراضي.
 
المصدر: عربي بوست

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار