السياسية

المالكي وجرأة القرار السياسي !

بقلم ✍️عمر الناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي..

يقول المثل عين الشمس لا تغطى بغربال وذاكرتي تقول أن غربال السياسة مليء بالاتهامات ولغة الاشارة والتأويل ولابد من التأني والسير بحذر وسط حقل الغام التسقيط السياسي لاننا سنكون بحاجة الى تصفية وتجنب مخلفات التأويل لنتمكن من قراءة الخط البياني للاحداث والالتزام بالموضوعية التامة، وفق ما تقتضيه الامانة المهنية وحسب مايراه العقل وتستمع اليه البصيرة مبتعدين عن التوجهات والاهواء والميول الشخصية، وان اختلفنا او اتفقنا فلا يعني ذلك بأنني مؤيداً او معارضاً فيما اراه في نتائج التحليل بقدر تفسير القراءة الدقيقة لمعطيات الواقع وعرض المقارنه النوعية للدراسة والتقييم، لغرض انصاف نسبة الانجازات واعادة تقييم اخفاقات المرحلة الماضية لربطها بواقع اليوم المزري والقارئ يفهم مابين السطور ومُدركاً لما تشير اليه بوصلتي بالتأكيد .

تتفق اغلب الاراء على ان الفترة الاولى التي تسنم فيها المالكي للمنصب تعد من اصعب الفترات واكثرها حساسية منذ التغيير وليومنا هذا وكل ذلك يرجع بسبب حالة الرعب والتوتر والاحتقان الطائفي الذي ساد المشهد العام في العراق في تلك الفترة، مستغلاً الارهاب ثغرات الخلافات السياسية ليسخر كامل طاقاته وامكانياته لضرب العمق السيادي لهيكل الدولة العراقية،في ظل غياب التنسيق المشترك بين صناع القرار وتشرذم الارادة السياسية بين الفرقاء وعدم السيطرة على السلاح المنفلت ، ومحاولته اعادة نفوذ وهيبة الدولة الى مسارها الطبيعي مع وجود الخيط الفاصل للصراع مابين الدولة واللادولة نتيجة التركة الثقيلة التي اورثها الجعفري له من بعده والتي اتسمت بضعف القيادة والمجاملة السياسية المفرطة على حساب هيبة الدولة وسيادتها .

لن اجامل ولن اتزلف وانمق فترة حكم المالكي ، ولن اقول انها كانت ذهبية وذات الوان وردية ولكن علينا ان نكون موضوعيين ومنصفين اذا اردنا تقييم الاداء فقط في اخذ جزئية جرأة وقوة اتخاذ القرار السياسي، بعيداً عن تأثيرات وضغط الكتل السياسية المشاركة في السلطة ، ودعونا نغض الطرف قليلاً عن بقية الجوانب التي ربما سنختلف فيها قطعاً والتي قد يتخللها سجالاً ناعماً فيما بيننا ومقارنة ذلك مع سابقيه ولاحقيه من رؤساء الوزراء.

من الانصاف القول بأن مهمة إعادة قوة القرار السياسي وفق ماتقتضيه المصلحة الوطنية هي اولى التحديات واهم الخطوات الناجعة للخروج من تحت عباءة التخندق الطائفي في ظل امتعاض حلفاء الامس من كسب المالكي الكثير من الجمهور برفع شعار دولة القانون كلُبنة اساسية ونقطة شروع حقيقية للبدأ ببناء دولة المواطنة والمؤسسات ، والدليل عندما صرح المالكي ستنقلب الدنيا اذا تم استدعائه الى البرلمان لم يكن حديثه اعتباطاً او قد اتى من فراغ ، في وقت لم يكن لاي رئيس وزراء من قبل له هذه الجرأة والصراحة ولكونه كان مُدرك جداً بأن بعض الشخصيات السياسية تعي حجم الخطر الذي يهددها وكيف سيكون فيما لو حدثت الاستضافة وقيامه بتعريتهم امام أنفسهم وامام جمهورهم ، والدليل الاخر حديثه علناً في مجلس النواب في عام ٢٠٠٧ بتقديم ملف احد النواب وتحميله مسؤولية اختطاف اكثر من ١٥٠ مواطن في احدى ضواحي بغداد.

ترجم البعض من السياسيين بأن عدم حضوره لجلسة البرلمان هو هروب وتنصل من المسؤولية وهذا باعتقادي ضعف في قراءة الساحة السياسية التي كانت مليئة بأمواج متلاطمة من التسقيط ، فعدم حضوره الجلسة سيقلب الطاولة على من كان لديهم قدم في المعارضة وقدم في الحكومة و بعد في الرؤيا لاجل ابقاء العملية السياسية خارج اطار المزايدات والتجاذبات في ظل تأثيرات العوامل المحلية والدولية والاقليمية وللابتعاد كلياً عن خلط الاوراق، في ظل تربص واقتناص كامرات الاعلام الاصفر لمثل هذا النوع من الفرص الذي نحن فيه اليوم بأمس الحاجة لجودة قوة القرار ومهنية القيادة التي اصبحت في مهب الريح..

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار