السياسية

“الاتحاد الوطني الكردستاني” يستبعد انشقاق زعيمه المشارك

(وان / متابعة)

أكد قيادي بارز في “الاتحاد الوطني الكردستاني” عن تجاوز الحزب أزمة صراع الأجنحة بعد الإقرار على فشل اعتماد صيغة مشاركة زعيمين لرئاسة الحزب، في وقت كشف فيه القيادي ملا بختيار أن عملية “تسميمه” مع قياديين آخرين ارتكبت “من داخل الحزب” قبل نشوب الصراع على زعامة الحزب.

وكان الرئيس المشارك للحزب بافل طالباني، وهو النجل الأكبر لمؤسس الحزب الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني دخل في صراع على الزعامة في يوليو (تموز) الماضي مع نظيره، نجل عمه لاهور شيخ جنكي الذي اضطر لاحقاً بعد ضغوطات التخلي عن صلاحياته.

وبلغ التوتر بين الزعيمين ذروته عندما اتهم بافل جنكي بزرع “جاسوس” في منزله ومحاولة اغتياله بواسطة “السم”، إلا أن جنكي نفى تلك التهم معتبراً أنها “محاولة تشويه” تستهدف سمعته لتبرير إزاحته، وما أعقبها من إعلان قياديين آخرين، من بينهما القيادي البارز ووالد زوجة بافل، ملا بختيار عن تعرضهما لـ”التسميم” وفق نتائج فحوصات مخبرية أجريت لهما في مستشفى بألمانيا.

ويبقى الخلاف معلقاً مع إصرار جنكي على حقه في مشاركة الرئاسة وفقاً لنتائج مؤتمر الحزب الرابع الذي عقد أواخر عام 2019، وتتابين التوقعات فيما إذا كان سيضطر إلى البقاء منعزلاً، أم سيتوجه إلى الانشقاق وتشكيل حزب مستقل.

وأقر القيادي البارز في الحزب سعدي بيره في تصريح لـ”اندبندنت عربية” فشل صيغة نظام “الرئيس المشارك”، قائلاً “هذه الصيغة أثبت عدم جدواها ولم تنجح، وقد أفرز عدم الانسجام خلافات مستعصية على الحل، وعليه قرر السيد جنكي التخلي عن صلاحياته لصالح السيد بافل”، مستبعداً أن يتجه جنكي للانشقاق، وأكد “لا صحة لما يشاع، الآن أنا جالس بين العديد من الأعضاء على مستوى الصفين الأول والثاني في الحزب، والجميع متفق على وحدة الموقف ليس من أجل مصلحة هذا وذاك، بل من أجل الحزب”.

لكن أوساط سياسية لا تستبعد أن يضطر جنكي في النهاية الخضوع للأمر الواقع، للذهاب إلى تشكيل حزب سياسي جديد، خصوصاً وأنه يملك مناصرين على مستوى الحزب وقسماً من الرأي العام، فيما يتوقع أن يصب ذلك في صالح تعزيز التفاهم بين “الاتحاد” وحزب بارزاني الذي كان من أشد معارضي سياسات جنكي.

وشدد بيره على أن حزبه “تمكن من التجاوز، والأمور تجري بشكل طبيعي، كما تقوم اللجان المختصة بمهامها في البت ومعالجة أية مشكلة أو خلاف، والصراعات تبقى قائمة على السلطة والمصالح الاقتصادية خصوصاً في بلد نفطي مثل العراق وفي إقليم كردستان، ليس فقط بين القوى السياسية وإنما داخل كل حزب وهو أمر طبيعي”، مشيراً إلى أن “شعبية الحزب تبقى متينة، وهذا الرصيد يعود إلى إرث الرئيس مام جلال (رئيس الجمهورية، زعيم الحزب الراحل)، ونحن سائرون على نفس الخطى، وسنحافظ على رصيدنا الجماهيري”.

وحاز الحزب على 16 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان الاتحادي البالغة 329 مقعداً، في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 10 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وسجل تراجعاً في عدد الأصوات تقدر بنحو 300 ألف صوت.

وعن أسباب هذا التراجع، قال بيره إن “السبب لم يكن نتيجة تدني نسبة المصوتين في الانتخابات عموماً، ربما كان لذلك أثر محدود، لكن السبب الرئيس كان نتيجة إخفاقات الحكومات سواء في بغداد أو الإقليم لحل الأزمات الاقتصادية وما يتعلق بالملف الأمني”، كاشفاً عن أن “متابعة ملف قضية السيد ملا بختيار في المرحلة المقبلة ستكون من مهام اللجان المعنية سواء الحزبية أو القضائية، بعد أن صدرت تقارير طبية معتمدة تثبت إصابته بالتسمم”.

وعاد ملا بختيار، واسمه ورد ضمن المرشحين لتولي رئاسة الجمهوية، يوم السبت، 13 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، من رحلة علاج قضاها في إحدى المستشفيات الألمانية، واعتبر خلال مؤتمر صحافي عقده لاحقاً أن محاولة تسميمه “جريمة سياسية”، وقال “لقد نجوت من موت محقق عبر دس السم في الطعام، ولن استعجل في اتهام أحد لحين صدور نتائج التحقيق، لكن من المؤكد أن الفاعل هو من داخل الحزب، وتم التأكد من أن ذلك حصل قبل أحداث الثامن من يوليو الماضي بشهرين أو ثلاثة، والتقرير الطبي الذي بحوزتي صدر عن واحدة من أشهر مستشفيات ألمانيا، وهو دليل على من يشكك بادعائي، ولمن يقول إنه سيناريو ومفبرك”، مشيراً إلى أنه علم بتناوله السم عندما أخبره بذلك “مصدر من وكالة المعلومات”، وهو بمثابة جهاز للمخابرات.

وتعمق الشرخ بين أجنحة الحزب منذ وفاة زعيمه الأول جلال طالباني خريف عام 2017، لتتولى عقيلته هيرو إبراهيم أحمد (73 سنة)، زمام الأمور قبل أن تختفي عن المشهد لسوء حالتها الصحية، ومن ثم بروز نجلها البكر بافل كقيادي ليقود جناح والده في الحزب ويضم “الحرس القديم” الذي يتولى الإدارة العامة، بينما تولى شيخ جنكي إدارة الجناح الأمني والاستخباري، مع وجود جناح ثالث بقيادة كسورت رسول علي الذي يعاني أيضاً من مضاعفات المرض منذ سنوات.

وشدد بختيار على أنه سيوجه “رسالة إلى قيادة الحزب لتشكيل لجنة رفيعة للتقصي في هذا الملف، لمعاقبة الجاني حزبياً وقانونياً، وإذا ما فشل قضاء الإقليم من التوصل إلى نتيجة، فإنني ساتوجه إلى القضاء الاتحادي، ومن بعده سألجأ إلى دولة خارجية”، وأضاف “لم أكن اتصور قط بأن ترتكب مثل هذه الجريمة ضدي، رغم كل ما قدمته في مسيرتي النضالية، إلى يوم مؤتمر الحزب الذي تنازلت فيه عن كل صلاحياتي من أجل أن نتجنب الخلافات، ومنحنا الفرصة للجيل الجديد من القادة، وماذا كانت النتيجة؟”.

ونوه إلى أن “الخطورة الأكبر على الحزب ليست في ما جرى من تسميم لقيادييه، ولا في خسارته من الجانب العسكري، أو وجود مؤامرة إقليمية، أو احتمال نشوب حرب أهلية، بل أن الحزب بعد مؤتمره الرابع فقد ثقة جماهيره والرأي العام، وهذه أخطر آفة، لقد فقد 300 ألف صوت في الانتخابات”.

يأتي ذلك في وقت تعاني فيه محافظة السليمانية المعقل التاريخي للحزب والتي تحتفل بذكرى تأسيسها، من أزمات مالية وخدمية، وسط تحذيرات من توقف مشاريع استراتيجية، والخدمات الطبية، بعد سنوات كانت صدرت من مسؤولين وسياسيين دعوات لإعلان اللامركزية على الصعيد الإداري والمالي، والذين يرون أن المحافظة همشت بالمقارنة مع المناطق الخاضعة لنفوذ حزب بارزاني.

وقال النائب البارز عن حركة “التغيير” علي حمه صالح إن “السليمانية تعاني من حصارين على مستوى الخدمات والبطالة، من قبل الحكومة وكذلك من قبل القوى أو أصحاب القرار”، لافتاً إلى أن “الأدوية بدأت تنفذ في المستشفيات، والخدمات الطبية ستتوقف بنسبة 50 بالمئة، بسبب عدم دفع المستحقات المالية للشركات المعنية لنحو ثمانية أشهر من قبل الحكومة، والأخيرة تقول إن هذه الأموال يجب أن تدفع من واردات المحافظة”، وحذر من “توقف المشاريع وأبرزها شارع الـ100 متر الاستراتيجي، ومن تبعات فرض الضرائب على الكسبة ظلماً، فيما تعرض 85 من المقاولين إلى الإفلاس”.

ويتقاسم الحزب مع نظيره “الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني إدارة الحكم في الإقليم منذ انتفاضة الأكراد على نظام حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عام 1991، وما زالا يعانيان من أثار حكم الإدارتين بين إربيل والسليمانية، رغم توقيعهما على اتفاقية لتوحيد الحكومتين اللتين نشأتا في أعقاب خوضهما حرب أهلية منتصف تسعينيات القرن الماضي.

وتعهد بافل طالباني في رسالة بمناسبة يوم السليمانية، بأن يجعل من “المحافظة محط فخر بكونها عاصمة للثقافة ومدينة للفداء والتضحية”، وأضاف “سأبذل جهدي لإنهاء التهميش والتقصير التي تعاني منه، والأولوية ستكون لإجراء تغييرات جذرية في إنجاز الخدمات وكل القطاعات”.

وفي السياق نفسه، شدد شقيقه نائب رئيس الحكومة قباد طالباني، على “عدم السماح لأحد بالتجاوز على الممتلكات العامة مهما كان منصبه، وهذا ما قلته في اجتماع مع لجنة التجاوزات في السليمانية”، وتابع “حان الوقت لكي تتصالح مدينة السليمانية مع السلطة، والمصالحة تكون بخدمة المدينة واحترام مواطنيها وسكانها، ونؤكد على أن المناصب والمسؤوليات ليست من أجل الحصول على امتيازات ومكاسب شخصية، بل لتقديم الخدمة، هذه المدينة ليست يتيمة”.

من جهته أكد محافظ السليمانية هفال أبو بكر أن السليمانية “تحتاج إلى استقرار حقيقي واستعادة الثقة، ومنطق قبول الآخر، وتطوير الاقتصاد، والعدالة، وصون الحريات”.

(رويترز)

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار