كتُـاب وكالة أرض آشور

الانتخابات ونظرية الامامة

■ *الشيخ محمد الربيعي*
إن مبدأ الانتخاب والمشاركة في الأمور السياسية والإدارية لا يتنافى مع مبدأ نظرية الإمامة بحسب النظرة الشيعية والتاريخية، لأن الشيعة يفرقون بين مسألة الولاية والإمامة الكبرى. وبين مسألة تولي وإدارة الحكم وشؤون البلاد بالمعنى التنفيذي والتطبيقي، حتى لقد صدر عن الإمام علي قوله: “لا بد للناس من إمرة برٍّ أوفاجر” لأن الإمرة هي التي تعني إدارة شؤون الناس والبلاد بالنحو الذي يحفظ لهم نظامهم العام. وهذا غير مبدأ الإمامة التي يؤمن الشيعة على أنها نص من الله، لكون الإمامة بهذا المعنى، استمرار لخط النبوة ولكن من دون وحي، لأن الدور الذي إختاره الله للنبي محمد(ص) لا بد له من إتمامه وإكماله من حيث متابعة الأمر حتى النهاية… لأن من يبدأ بمشروع فلا بد له من إتمامه وإنهائه فما دام الإسلام هو خاتم الرسالات ولا نبوة بعد نبوة النبي محمد(ص) فلا بد من وجود من يرعى المسيرة ويكون مختاراً من قبل الله لأن الله أعلم حيث يجعل رسالته… ونحن لاحظنا أن الأئمة وإن ابعدوا عن القيادة السياسية المباشرة في أوقات معينة إلا أنه لم يتم إقصاؤهم وإبعادهم عن الأمة كلياً، فبقي لهم الدور التوجيهي البارز والتربوي الهام حتى لقد كان الخلفاء يستفيدون كثيراً من علم وأراء الإمام علي(ع)، ولذلك فإن هناك فارقاً مهماً وجوهرياً بين الدورين والأمرين ولا ينبغي خلط أحدهما بالآخر.
محل الشاهد :
لا إشكال في أنه إذا تعذر قيام دولة إسلامية، فاللازم أن تكون الدولة إنسانية تحفظ كرامة الإنسان وتصون حقوقه، لأنه لا بد من إمرة (حكم) يحفظ للناس حقوقهم، فإذا لم يكن ذلك على أساس ما أنزل الله، فليكن على أساس احترام الإنسان.إذا كان للناس مصلحة عامة في ذلك تتمثل في الحفاظ على حقوقهم وكان عدم المشاركة يمنعهم من ذلك، فقد يقال عندئذ بحسن المشاركة.
محل الشاهد :
الاحبة الكرام … عليكم ان تأخذوا في الاعتبار أن الورقة التي تضعونها في صندوق الاقتراع ليست ورقة عادية، هي ترسم مستقبلكم ومستقبل أبنائكم ومستقبل وطنكم لأربع سنوات قادمة، وقد تكون أكثر، فبها تعطون توكيلا مطلقا لمن ينتخبونكم، وهذا التوكيل ليس توكيلا عاديا، هو يتضمن إعطاءهم الحرية في إصدار القوانين والتشريعات، وفي اختيار من يتولون مواقع المسؤولية، وفي الرقابة على الحكومة ومحاكمة أدائها، وفي أسلوب معالجة قضاياهم وإزالة همومهم، وكما لا يعطي أحد توكيلا لأحد في قضاياه الخاصة وأعماله إلا بعد دراسة، وبعد التأكد من أنه لن يخون أمانته وسيقوم بواجباته تجاهه، لا بد من أن يكون التأني أكبر في إعطاء الوكالة لمن يقرر مصيره ومصير الوطن.
هم يتحملون مسؤولية القرارات التي يتخذونها، إيجابا عندما تكون القرارات إيجابية، وسلبا عندما تكون سلبية، وهذه المسؤولية هي مسؤولية أمام الله الذي سيسألنا عن نتائج أي قرار نتخذه، قبل أن تكون مسؤولية تجاه وطننا ومستقبل أبنائنا.
الاحبة الكرام … ندعوكم إلى التدقيق جيدا في أي خيار تتخذه، أن ندرس من ننتخبه، أن ندرس تاريخه ومدى صدقه وأمانته وإخلاصه للمسؤولية التي سيحملها في حفظ الوطن وقوته، حتى لا يخدعنا أحد، أو نلدغ من جحر مرتين، أو نكرر الأخطاء والتجارب.
الاحبة الكرام …
قد اعتدنا في هذا البلد أن نكثر الانتقاد، ونداري ونجامل عند اتخاذ المواقف، فلنعكس الأمر بأن نقلل الانتقاد ونقف الموقف القوي الذي نتجاوز فيه كل حساباتنا الخاصة، لحساب وطن نريده أن يكون عزيزا قويا حرا خاليا من الفساد والمفسدين، ومن المستثمرين في مصائر الناس ومستقبلهم، أو من يريدونه أن يكون بقرة حلوبا لهم
الاحبة الكرام ..
إن الانتخابات نعمة وفرصة للتغيير ولتجديد الدم في عروق الوطن، فعلينا أن لا نحولها إلى نقمة لتزيد البلد جراحا .
اللهم احفظ الاسلام والمسلمين
اللهم احفظ العراق وشعبة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار