في كلمة لفخامته في مؤتمر بغداد الخامس للمياه.. رئيس الجمهورية: ضرورة التوصل إلى اتفاقات ملزمة وعادلة بشأن حصة العراق المائية


ممثلا عن فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، شارك مستشار رئاسة الجمهورية السيد محمد أمين فارس، في فعاليات مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه، الذي عقد اليوم السبت 24 أيار 2025 ببغداد، تحت شعار (المياه والتكنولوجيا…شراكة من أجل التنمية).
وألقى السيد محمد أمين فارس كلمة رئيس الجمهورية، نقل خلالها تحيات فخامته إلى الحاضرين واهتمامه البالغ بهذا المؤتمر الذي يأتي في توقيت دقيق تتعاظم فيه التحديات المرتبطة بالمياه والتغيرات المناخية، وما يترتب عليها من آثار اقتصادية وإنسانية وبيئية.
وأشار السيد المستشار إلى أن أزمة المياه في العراق لم تعد مجرد ملف قطاعي، بل قضية وطنية شاملة تتطلب تكامل الرؤى وتنسيق الجهود بين جميع الجهات المعنية، والعمل وفق استراتيجيات علمية تضمن حماية مواردنا المائية للأجيال القادمة، موضحا أن موقع العراق كدولة مصبّ في حوضَي دجلة والفرات يشكل تحديًا كبيرًا، لاعتماده على مياه تنبع من خارج حدوده، مؤكدا ضرورة التوصل إلى اتفاقات ملزمة وعادلة، سيما مع تركيا، بشأن حصة العراق المائية وبما يضمن حقوقه التاريخية في هذه الموارد الحيوية.
وفي ما يأتي نص الكلمة:
“بسم الله الرحمن الرحيم
دولة رئيس مجلس الوزراء المحترم،
أصحاب المعالي والسعادة،
السيدات والسادة الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسرّني أن أعبّر عن بالغ تقديري لانعقاد هذا المؤتمر المهم، الذي يأتي في توقيتٍ دقيق تتعاظم فيه التحديات المرتبطة بالمياه والتغيرات المناخية، وما يترتب عليها من آثار اقتصادية وإنسانية وبيئية.
ويشرّفني أن أنقل إليكم تحيات فخامة رئيس الجمهورية، الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، وتمنياته لكم بمؤتمر ناجح ومثمر. لقد كان يتطلع فخامته لحضور هذا الملتقى الهام والمشاركة في أعماله، إلا أن التزاماتٍ مسبقة حالت دون ذلك.
إن انعقاد مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه يمثل خطوة مهمة نحو مناقشة موضوعٍ بالغ الأهمية للبلد، حيث يستدعي ذلك تضافر جهود الجميع للبحث في هذا الملف الحيوي، واتخاذ خطوات عملية بهذا الشأن.
ولا يخفى على الجميع أن ظاهرة التغيرات المناخية تمثل اليوم أزمة عالمية تواجه جميع الدول والشعوب، وفي العراق يكتسب الموضوع أهمية قصوى، إذ يُعد من أبرز الدول تأثّرًا بالتغيرات المناخية، ولا سيما أزمة المياه، حيث نعاني من تناقص الموارد المائية وتزايد التصحر والجفاف. وهذا يتطلب تعاونًا وثيقًا بين الجهات الحكومية ذات العلاقة والخبراء والأكاديميين المختصين، للحفاظ على الموارد المائية ومكافحة التصحر والجفاف، من خلال استراتيجيات فاعلة لنشر الغطاء الأخضر والتشجير.
لقد بات واضحًا للجميع أن أزمة المياه في العراق لم تَعُد مجرد ملفٍ قطاعي، بل قضية وطنية شاملة تتطلب تكامل الرؤى وتنسيق الجهود بين جميع الجهات المعنية، والعمل وفق استراتيجيات علمية تضمن حماية مواردنا المائية للأجيال القادمة.
إن العراق يواجه تحدياتٍ متفاقمة نتيجة التغيرات المناخية وتراجع الإيرادات المائية، وتفاقم ظاهرتَي التصحر والجفاف، مما يستدعي تحركًا سريعًا على مسارات متعددة؛ بدءًا من تعزيز التعاون الإقليمي في ملف المياه، ومرورًا بتفعيل الدبلوماسية المائية لضمان حقوق العراق المشروعة، وصولًا إلى إصلاح السياسات الداخلية الخاصة بالاستهلاك والإدارة الرشيدة للموارد.
وفي هذا السياق، يُشكّل موقع العراق كدولة مصبٍّ في حوضَي دجلة والفرات تحديًا كبيرًا، نظرًا لاعتماده على مياهٍ تنبع من خارج حدوده، وتحديدًا من تركيا وإيران.
وهنا نؤكّد، وبكل وضوح، على ضرورة التوصل إلى اتفاقاتٍ ملزمة وعادلة، لا سيما مع تركيا، بشأن حصة العراق المائية من نهري دجلة والفرات، بما يضمن حقوقه التاريخية في هذه الموارد الحيوية.
إن التفاهم مع الجانب التركي يجب أن يكون أولوية قصوى في جدول أعمال السياسة المائية للعراق، وأن يتم العمل الجاد عبر القنوات الدبلوماسية والقانونية للوصول إلى تفاهمات تضمن حصة العراق الكافية، بما يسهم في تأمين احتياجات السكان ومشاريع الزراعة والتنمية، ويخفف من آثار الشحّ المائي التي يعاني منها البلد.
كما أن من الضروري اليوم، أكثر من أي وقتٍ مضى، أن نُرسّخ ثقافة ترشيد استهلاك المياه في مختلف القطاعات، وأن نُسرّع في تحديث أنظمة الري والزراعة، بما ينسجم مع التحديات الجديدة، ويقلل من الهدر، ويزيد الكفاءة.
وفي هذا الإطار، لا يفوتني أن أدعو وزارة الموارد المائية، والجهات الساندة لها، إلى تكثيف العمل في رفع التجاوزات على الأنهُر، وتطوير البنى التحتية المائية.
السيدات والسادة،
نُعوّل كثيرًا على هذا المؤتمر، بما يضمه من خبراء ومختصين ومسؤولين، في أن يُشكّل منطلقًا لحوارات علمية ومخرجات عملية تُسهم في رسم خارطة طريق واضحة نحو أمنٍ مائيٍّ مستدام.
وفي الختام، أُجدّد، باسم فخامة رئيس الجمهورية، التحية والتقدير لكل من أسهم في الإعداد والتنظيم لهذا المؤتمر، مع خالص التمنيات بالتوفيق والنجاح لأعماله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.