التحول الأخضر وبناء منطقة نفطية جديدة لتحقيق التنمية المستدامة
د. شذى الكبيسي..
منذ بداية عملها في حقل الحلفاية، التزمت شركة بتروتشاينا بمفهوم التنمية الخضراء المتمثل في ” حماية البيئة قبل كل شيء”، لذلك قامت بتنفيذ معايير حماية البيئة والجودة بشكل صارم، وعملت على تعزيز المعالجة غير الضارة للنفايات الصلبة، وقامت ببناء أول مشروع ربط نفطي وغاز واسع النطاق في تاريخ العراق، وتنفيذ تدابير الحفاظ على التنوع البيولوجي، واستمرت في تقليل تأثير تبعات أنشطة إنتاج النفط والغاز، وقامت بنشاط ببناء منطقة نفطية جديدة للتنمية المستدامة.
وضع حماية البيئة في المقام الأول يساهم في عملية التنمية المتناغمة: ترسخ الشركة الصينية العاملة في حقل النفط العراقي مفهوم التنمية الخضراء، وتجمع بشكل فعال بين الحماية البيئية وبين عملية إنتاج حقول النفط للحد من التلوث وحماية البيئة بطريقة شاملة. يعتمد حقل النفط على عملية خلط المياه ذاتية التدوير بطريقة الجفاف الكهربائي وتحلية المياه التي تعتمد على الكهرباء وذلك لتحسين كفاءة تحلية النفط الخام وتوفير استهلاك المياه و حماية الموارد المائية. لقد أدى استخدام تقنية تدفق النفط الخام لعمليات تنظيف الآبار إلى استعادة النفط دون هبوطه للقاع وفي نفس الوقت تقليل المخاطر البيئية ومساحة الاستحواذ على الأراضي في الحقل النفطي، وبالتالي حماية البيئة وتحقيق فوائد اقتصادية. ومن خلال الترويج بنشاط للمعالجة غير الضارة للنفايات الصلبة ، أكملت الشركة معالجة وترميم 47 حفرة احتراق تاريخية. كما تم توقيع عقد مع مقاول محلي حاصل على مؤهلات حماية البيئة في مجال النفايات الصلبة الخطرة والتربة الزيتية والنفايات الصلبة الطبية والمنزلية، وإجراء عمليات تنظيف كبيرة للبراميل الكيميائية والزجاجات بعد الاستخدام، وتصنيف ومعالجة النفايات المنزلية والنفايات الطبية في حقل النفط بشكل احترافي. كما قامت الشركة بزراعة الأشجار في المخيمات وعملت على تخضير الأماكن في المصانع والمحطات، وتنفيذ أنشطة تنظيف القمامة في مختلف مناطق العمليات. ومن خلال تحسين استراتيجية الحفر، وتقليل الاستحواذ على الأراضي والقضاء على الحُفَر بالقرب من المناطق الأساسية للأراضي الرطبة والأنهار، تم تنفيذ اللوائح ذات الصلة للحكومة العراقية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بشأن حماية الأراضي الرطبة الحساسة في العراق بشكل فعال.
العمل على التحول الأخضر ومنخفض الكربون: إن التحول إلى الطاقة الخضراء ومنخفضة الكربون هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة. في 4 أكتوبر 2020، تم البدء رسميًا في مشروع محطة معالجة الغاز الطبيعي. يعد هذا المشروع أحد المشاريع الاستراتيجية المهمة لتطوير هذا النوع من الصناعة في العراق، كما أنه أول مشروع واسع النطاق لربط النفط والغاز في تاريخ العراق، مما يجعله مشروعا رئيسيا في مجال الطاقة وفي مجال تحسين معيشة الناس وحماية البيئة، وبالتالي هو يعد مثالا آخر على التعاون الودي بين الصين والعراق في إطار البناء المشترك للحزام والطريق. يتضمن مشروع محطة توليد الطاقة 13 مجموعة من مرافق المعالجة، بما في ذلك إزالة الكبريت من الغاز الطبيعي، والتجفيف، وإزالة الهيدروكربونات، ومعالجة الغاز البترولي المسال، واستعادة الكبريت ومعالجة الغاز المتبقي. تتم معالجة الغاز الطبيعي المصاحب لحقل الحلفاية إلى غاز طبيعي نقي عالي الجودة، وغاز وقود لتوليد الطاقة، وغاز البترول المسال، والنفط الخفيف والكبريت من خلال سلسلة من عمليات التنقية، بما في ذلك إزالة الحموضة، والتجفيف، واستعادة الهيدروكربونات الخفيفة. في 8 يونيو من هذا العام، تم تشغيل محطة معالجة الغاز الطبيعي رسميًا، ويمكنها معالجة 3 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي ومليون طن من المكثفات كل عام، مما يشير إلى أن جميع الغاز المصاحب والمكثفات في حقل الحلفاية سيتم تشغيلها ومعالجتها، وبالتالي فإنها تلعب دوراً إيجابياً في إمداد محطات توليد الطاقة بالغاز في العراق، واستهلاك السكان للغاز، وتعزيز الاستخدام الفعال للموارد. كما يمكن لهذه المنتجات توليد 5 مليارات كيلوواط/ساعة من الكهرباء كل عام، مما يلبي احتياجات الكهرباء لأربعة ملايين أسرة محلية. ويبلغ الإنتاج السنوي من غاز البترول المسال 800 ألف طن، وإذا تم استخدامه في المنازل، فإنه سيقلل بشكل كبير من اعتماد الأسر على الوقود عالي التلوث ويحسن البيئة المعيشية والظروف الصحية للسكان.
حماية الأراضي الرطبة وبناء حدائق إيكولوجية: تُعرف الأراضي الرطبة باسم “رئتي الأرض” وتلعب دورًا مهمًا في تنقية جودة المياه وتنظيم المناخ، كما أنها بمثابة كنز للتنوع البيولوجي. تعتبر المناطق الرطبة بالأهواز والواقعة بالقرب من الحقول النفطية موطنًا لمئات الأنواع من الحيوانات. في عام 2016، تم إدراج هذه المناطق ضمن مواقع التراث العالمي من قبل اليونسكو، لتصبح الأراضي الرطبة الوحيدة في العراق المحمية بموجب اتفاقية رامسار. لذلك وفي منطقة العقد الخاصة بحقل الحلفاية تم تخصيص مساحة قدرها 56.9 كيلومتر مربع من الأراضي العازلة مع المناطق الرطبة، وجعل مساحة 19.6 كيلومتر أراضي رطبة بالكامل. إن حماية هذا النوع من الأراضي أمر بالغ الأهمية لتحقيق التعايش المتناغم بين إنتاج النفط والغاز والبيئة الطبيعية. في عام 2021 قامت الشركة الصينية العاملة في الحقل النفطي العراقي بصياغة خطة عمل لحماية التنوع البيولوجي والتزمت بشكل صارم بمتطلبات حماية البيئة التي يفرضها العراق والمنظمات الدولية. وفي عام 2022 أطلقت الشركة مسحًا إيكولوجيا ربع سنوي ومسحًا شهريًا للأسماك في المنطقة، كما قامت بمراقبة النباتات والثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات والأسماك وغيرها بانتظام في تسع مناطق أخرى بالقرب من مجال الحقل النفطي، ورسمت خرائط للموائل البيولوجية، وتحديد الأنواع ذات الأولوية التي يجب حمايتها، والقضاء على المخاطر المحتملة للأنشطة التشغيلية على الكائنات الحية. وقد أظهرت نتائج المسح وجود العديد من الأنواع في حقل الحلفاية، بما في ذلك الأنواع النادرة مثل طائر القصب في البصرة وسلحفاة نهر الفرات التي تم إدراجها في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض من قبل الاتحاد العالمي للحفاظ على البيئة. كما قام فريق الشركة الصينية بزيارة 24 قبيلة ومجتمعًا محليًا في المنطقة المحيطة بحقل النفط للقيام بأنشطة علمية حول حماية التنوع البيولوجي. هذا وتعمل الشركة على تقييم الأثر البيئي بشكل منتظم لمناطق التشغيل والمناطق العازلة للأراضي الرطبة وذلك بالتعاون مع شركة نفط ميسان (MOC)، وتعزيز الموافقة على التقييمات البيئية وبذل جهود جبارة لحماية البيئة الإيكولوجية. ومنذ عام 2018، أجرت الشركة مراقبة بيئية للمياه الجوفية والمياه السطحية وللضوضاء والغلاف الجوي والتربة والنشاط الإشعاعي مرتين في السنة، ونفذت ما مجموعه 12 جولة من أعمال المراقبة، باستخدام مجموعتين من معدات مراقبة الغلاف الجوي عبر الإنترنت (AAQ) لإجراء مراقبة الغلاف الجوي في الوقت الحقيقي وتحليل البيانات لتنفيذ تدابير حماية البيئة المختلفة لضمان السيطرة على التلوث البيئي من مصدره. بالإضافة إلى ذلك، اتخذت بتروتشاينا عددًا من التدابير لتعزيز الدورة الحميدة لبيئة الأراضي الرطبة، والحماية الفعالة لموائل الطيور المهاجرة وتحقيق التعايش المتناغم بين إنتاج النفط والغاز والبيئة الإيكولوجية.
إن البيئة الجغرافية الخاصة بحقل الحلفاية تبرز أن إنتاج النفط والغاز يجب أن يتعايش دائمًا بتناغم مع البيئة الطبيعية. ومنذ تأسيس المشروع التزمت الشركة الصينية دائما بمفهوم حماية البيئة أولا والتنمية الخضراء ومنخفضة الكربون، وسعت إلى إنشاء حقل نفطي أخضر مستدام، يرسم صورة جميلة للتعايش المتناغم بين الصناعة والطبيعة في العراق، وقد حاز فعلا على ثقة وتقدير كبيرين من الحكومة العراقية والمجتمعات المحلية المحيطة بالمشروع. وكما قال نائب رئيس الوزراء ووزير النفط العراقي حيان عبد الغني في حفل تدشين محطة توليد الكهرباء، بأن هذا المشروع يعد إضافة مهمة لمنظومة الطاقة العراقية وهو نموذج للاستغلال الشامل للموارد الطاقية في البلاد وسيعمل على تعزيز التنمية المستدامة في العراق.