مقالات

العزف على الوسطية والبقاء بعيداً عن خندق المحاور هو الحل

بقلم جمال العراقي :

العراق بموقعه الاستراتيجي المميز كان يحب ان يكون اللاعب الأكبر في رسم المشهد
الجيو سياسي في المنطقة خصوصاً والشرق الأوسط عموماً …
لكن ومنذ الاستقلال عن الاستعمار البريطاني كان العراق ينخرط بشكل او بآخر في خندق المحاور ،
و للأنصاف وقول كلمة الحق كل من حكم العراق والى زمن قريب كانت الصفة الأبرز هي التخندق في محور ما ، تارة محور الدول العظمى وتارة محور القومية او الطائفية الدينية او حتى لمنافع شخصية ،
واذا اردنا الخوض في تلك التفاصيل
سيكون علينا ان نعي جيداً ان الدخول في محاور الدول العضمى هو نتاج واقع حال وكانت الحكومات العراقية المتعاقبة مجبرة على الانصياع لتلك الدول لما تمتلكه من تأثيرات اقتصادية وسياسية على العالم ككل ،
ولكن ما لا يشفع للبعض ممن يعملون بتلك الحكومات انهم يتخندقون في محاور تكون اقل بكثير من مستوى العراق من جميع النواحي من حيث الموارد البشرية والاقتصادية والموقع الجغرافي او حتى العسكري ، ومع ذلك تجد من السياسين من يذهب للعمل على اجندة دولة ما قد لا تمثل عشر معشار ما اسلفت من ما يمتلكه العراق من موارد ، لتكون الداعمة له في المشهد السياسي وليكون له موقع مرموق في احدى تشكيلات الحكومة ،
وبذلك يكون بوق من ابواق تلك الدويلة التي كانت تحلم في يوم من الأيام أن يذكر اسمها في احدى المحافل الدولية ، وآخرين يتجهون الى دول الجوار لتكون الممول لطموحهم السلطوي ،
من سخرية القدر ان يتبوأ مثل هؤلاء مناصب مرموقة او أن يحكموا بلدا عظيماً مثل العراق ،
عموما يجب ان نأتي الى الحل :
وهذا الحل ليس ببعيد عن المحاور ولكن ليس بالتخندق في احدها ، بل باللعب عليها ، مثل العازف الموسيقي المحترف ، ولكن بالشكل السياسي بحنكة وبحبك الكلمات بطريقة تجعل المقابل يعتقد انه بحاجة للسياسي العراقي لحل مشاكلهم وخلافاتهم ، ولا يمكن ان يكون ذلك بدون شخصيات وطنية تضع العراق وحده نصب اعينها ،
ولست ممن يؤمن بالابتعاد عن اسسه العقائدية او القومية ، بل على العكس
من ذلك ف ( الماله اول ماله تالي) ولكن ليس على حساب الوطن فالدين وجميع الأعراف تحض الأنسان على ان يصون وطنه وأن يدين له بالوفاء ،
واليوم وعلى ما يبدو ان الفرصة سانحة للحكومة العراقية لتكون في الريادة ، فبعد الانتصار على داعش الارهابي ، والبروز كقوة عسكرية كبيرة قاتلت اكبر تنظيم دولي إرهابي ونجحت في التخلص منه ، وبعد الانهيار الاقتصادي العالمي بسبب جائحة كورونا ، كان يجب على الدول العظمى التخفيف من التوترات في العالم ككل والشرق الأوسط بالخصوص لما يمتلكه من موارد اقتصادية نفطية تمثل اكثر من ثلثي الاحتياطات العالمية ، بروز دور العراق في هذه المرحلة بدى جلياً للباحث في الشأن السياسي ، وذلك لقربه من الدول المتخاصمة ،
جغرافياً وعقائدياً وقومياً ،
هذا الدور جاء في زمن حكومة وصفت من قبل الباحثين في الشأن السياسي بأنها الأقرب لتطلعات الشارع العراقي في الوقت الراهن ، مما يضيف لها زخماً معنوياً كبير للمضي قدماً لكسر الجمود المستعصي منذ عقود و للعب دور تقريب وجهات النظر بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة ومن جهة اخرى المملكة العربية السعودية ،
وقد يكون في وقت لاحق للعب دور الوسيط بين المملكة العربية السعودية و تركيا ،
وضع العراق في محور ما لا يخدم البلد بل يجلب العداوة والبغضاء وهذا ما تميزت به حقبة العراق وبشكل لافت مابعد الاحتلال
وسقوط الطاغية ،
ومن هنا نشد على يد السياسين الوطنيين للعمل على جعل العراق منطلقاً للوسطية ،
ليكون في الريادة ولعب دور بارز في المنطقة ،
وحسب رأي هذا ما يستحقه العراق وهذه هي مكانته على المستويين الإقليمي والدولي ،

و لينعم أهله بالراحة ولو قليلاً بعيداً عن كونهم هم محور الحدث ، و ليكونوا ولو لمرةٍ واحدةٍ هم من يصنعوه .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار