مقالات

نكبة الباخرة تيتانك في الأدب العراقي

بقلم سرى العبيدي ||

في بداية القرن العشرين برز في مدينة النجف الأشرف عدد من الأدباء الشباب الذين أصبحوا فيما بعد شيوخ الأدب وزعمائه , وقد اتسعت معارف هؤلاء الشباب واتسعت معها دائرة أفكارهم وهم لا يزالون في بداية مراحل الشباب , فاتصلوا بالعالم الخارجي وتتبعوا حركته الثقافية وعرفوا أخباره .. ويوم غرقت غرقت الباخرة تيتانك سنة 1912 على أثر اصطدامها بجبل الجليد في المحيط الأطلنطي , كان محمد رضا الشبيبي وعلي الشرقي من أوائل شعراء العرب إن لم يكونا أوّل شاعرين تحسسا بهذه النكبة وعمقها , فراحا يصوّرانها في الشعر تصويرا غاية في الروعة ويعرضان للهلع والفجيعة الواحا تستفز المشاعر وتتدّفق بالعظات والأمثال .. فهذا الشبيبي يقول
أمليكة البحر اسمعي لك أسوة …. في الأرض كما ثلّت عروس ملوك
أنّى ينجّيك الحديد وما نجوا …. بأشدّ من فولاذك المسبوك
وحين نشرت مجلة العرفان قصيدة علي الشرقي , لم يكن الشرقي قد أتمّ العقد الثاني من العمر .. والتي يرثي بها تيتانك ويقول
فيا جبل الجليد ولست أرسى …. فتكت وكيف في جبل الحديد
وما اصطدمت جسوم في جسوم …. بل اصطدمت جدود في جدود
وكان على الباخرة حين اصطدمت المستر ( ستيد ) وهو أحد كبار العلماء ومن دعاة المحبة والسلام والمؤمنين بخلود الروح .. وحين أحسّ ( ستيد ) بالفاجعة وكان نائما خرج من غرفته والباخرة على وشك أن تغيب في البحر نهائيا , فأخرج سيكارة وأولعها وجذب منها بعض الأنفاس وهو ينظر إلى هذه النهاية بعينه داخل القمرة وأغلق عليه الباب .. وبعد قليل كان الجزء الأخير من الباخرة قد غاص بمن فيه في أعماق المحيط , وهنا يخاطب علي الشرقي المستر ( ستيد ) ويرثيه قائلا
أداعية السلام وقد تداعى …. عليك سلام أرواح الجنود
رقدت فأيقظتتك صروف الخطب …. ولم تعبأ فعدت إلى الرقود
شديد العزم كنت وأنت حيّ …. فمت وأنت في عزم شديد
في مثل هذا الشعر المتدّفق بالحيوية والمشاعر عبرّ شعراء العراق عن نكبة تيتانك..

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار