مقالات

نساء ماوراء الجدران

بقلم مريم سمير علي :

تلف الحرير حول خصرِ العالم بأصبعٍ، وتهدهد مهد وليدها بالاصبعِ الآخر، لذلك ظلموها بعبارةِ نصف المجتمع، انهّا الحبيسة الرحيمة وسقف البيت الدافئ والحضن الآمن الذي تقف تحته على هيئأةِ ام وصديقة واخت وحبيبة، وحينما ينام كل شيء تقف امام العالم المشوه الذي صنع منها عزلاء ووحيدة تصرخ بوجه كل شيء.
سنوات والقيود العرفية تلتهم بساطتها المستلبة، وتتحكم بعفويتها المقيدة، حتى صارت ضمن سلع الصلح المتداولة لفضِ النزاعات العشائرية، فكم من فتاةٍ ذهبت الى عش الزوجية قسراً دون ان تُخيّر او تُسأل، وكم من امرأةٍ أُجبرت على استبدالِ مقاعد الدراسةِ بمناجل الحقل وانجاب الاطفال.
وهل لدى احدنا فكرة عما تلاقيه الاناث الضعاف داخل البيوت المنزوية بين الاشجار واللواتي خُلقن ليكن عاملات المنزل المطيعات، لان حقوقهنّ في بلادنا فكرة ميتة ولااصل لها في القواميس هناك، اما المطالبة بها فعار مابعده عار، لان المرأة تظل طوال الدهور هي الجسد الذي يجعل هذا العالم فاسداً.
هل جرب احدكم ان يسترق السمع من ابواب البيوت ويحصي صرخات قلوب النساء اللواتي يعانينّ من العنف النفسي وكلماتهِ الجارحة رغم ان الاسرة يفترض ان تكون هي المكان الأمن لها والمأوى الضامن.
تمر السنوات والمظالم تتكدس، لم يكن امامها سوى شاشة هاتف صغير، يطل على كوكب افتراضي قد ينصفها، او لعله يشعر بألمها او يستمع لوجعها الناطق على الاقل، فكانت المفاجأة وطوق نجاتها بمواقع التواصل الاجتماعي التي اصبحت ملاذاً آمنا للحركات النسوية المكبوتة والعمل على تثقيف النساء والمطالبة بأستقلالية المرأة وعدم خضوعها للتقاليد المجحفة التي تخلصها من الخضوع والحصول على حقها، تلك المواقع الاجتماعي، صارت السند الوحيد لها في محنتها ومنها بدأت تخرج الى العالم وتمنع عنها نظرته المتردية.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار