الدينيةمقالات

الحدث المليوني والتخطيط المستقبلي

((وان – بغداد))
يوسف رشيد الزهيري :
يمر الحدث الأربعيني،في الزيارة المليونية الى ضريح إبي الاحرار الامام الحسين (عليه السلام) في أكثر من تفصيل ، لا ينحصر بالشيعة وحسب ،فالحركة المليونية تثير الاندهاش اليوم عند مختلف الناس من شعوب شتى، ومن انتماءات شتى، وهنالك اقبال عالمي على هذا الحدث السنوي من كافة بقاع الارض ،كما أن استثنائية الحدث الأربعيني لا تنحصر في إطار الزمن الحاضر، بل كانت حاضرة منذ التاريخ القديم، لكن في وقتنا الحاضر اشد قوة وتدفق وحماس بعد ان زالت اغلب المعوقات الامنية والسياسية والتاريخية ،واندثار اغلب الانظمة الدكتاتورية الطائفية المعادية لفكر ال البيت عليهم السلام وشواهد تأريخهم ومواقفهم ولمناصريهم .
ولكي يكون الحدث الأربعيني عاملاً إصلاحياً فاعلاً وحقيقيا على مستوى جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، بشكل أوسع وأكبر في المستقبل، لابد من عمل بتنظيم، ومثابرة يوازي حجم هذا الحدث العالمي الكبير في الاعداد والتنظيم والخدمات على كافة مستوياته، لاسيما أن رسم المستقبل علم له قوانينه ونظامه ورجاله وادواته .
فإن علم المستقبل يعد اليوم من العلوم المهمة، لما يوفره من رؤية شاملة من التخطيط وحسن التدبير، تضع في حسابها معطيات التاريخ وتجارب ناجحة وحقائق علمية،ودراسات مستفيضة ، كما تبين آليات تغيير الحاضر للوصول إلى مستقبل واعد، بحركة تطويرية سريعة ومنظمة ، وهذه الحركة تفرض تغيراً شديداً، فيجب أن نكيف أنفسنا مع هذا التغيير حتى نمتلك ناصية المستقبل، خصوصاً إذا كان مضمون المستقبل مختلف جذرياً عن حاضرنا، بسبب التراجع الكبير للعراق على كافة المستويات، وإن مواكبة المستقبل تتم عبر رصد الاحتمالات، والتخطيط السليم، والقرارات الصائبة التي يتخذها قادة الأمة وعلماؤها في مختلف اختصاصات الهندسة والطب والزراعة والصناعة، حتى يأتي البناء متكاملاً من حيث تكوينه وابعاده وموارده المستقبلية،
واذ لم يكن العمل ضمن اعداد خطة مستقبلية،مع مراعاة المتغيرات فإنه يتحول إلى فوضى، والى محاولات لحلول ترقيعية انية لا تجدي نفعا
ولا بد ان ننظر الى أهمية استشراف المستقبل كعامل رئيسي لإحداث تغيير أو صناعة نهضة، وأنه لا يمكن لأي مصلح او مسؤول أن يساهم في تحقيق هدف، إلا إذا كان يملك رؤية مستقبلية، وادوات ومقومات وصناعة قرار يساهم في بلورة صناعة الحدث ،فعلى الرغم من مرور خمس عشرة سنة من الحدث الاربعيني ولا تزال الكثير من المعوقات والتقصير الحكومي تجاه هذا الحدث يتكرر من دون معالجات حقيقية في السيطرة على الحدث وتوفير كافة مستلزمات النجاح في تأمين الطرق والقطوعات الغير مبررة وشق الطرق الحديثة والفرعية في طريق الزائرين وتوفير الخدمات الصحية النظيفة على الطرق ،والحد من معاناة نقل الزائرين او في تخصيص المرائب النظامية الخاصة بحافلات النقل او حل مشكلة الاختناق والازدحامات الخانقة في مدينة كربلاء ،او توفير الخدمات الاخرى التي تسد حاجة الزائرين ومن يرى ذلك لا يلاحظ وجود إستراتيجية مستقبلية فيما يتعلق بالزيارة الأربعينية، ومردوداتها الاقتصادية والسياسية والانسانية والدينية على العراق ،ولم تستثمر لخدمة العراق بل استخدمت كظاهرة نجاح امني فقط تستنفر فيها الجهد الامني العام استغلها ساسة العراق الفاسدين لتبرير احدى محاولات بقاءهم في السلطة امام فقراء وعامة الناس البسطاء.فقد اعتاد ساسة العراق ان يتلاعب بمشاعر الشعب وتجييش الجماهير طائفيا تجاه خصومهم مبررين دوافع البقاء لتمثيل شرائح مضطهدة سخروا منهم بشعاراتهم الطاىفية الكاذبة وطيلة فترة هذه السنوات ،لم يتضح وجود عمل يهدف بناء الحاضر برؤية مستقبلية، ولم تتضح معالم تطور بالعراق على كافة الجوانب بل الجانب الخدمي والتعليمي والصحي يكاد ان يكون معدم تماما.حتى على مستوى مدينة كربلاء المقدسة، التي تعتبر اهم المدن الدينية المقدسة في العالم، والتي يزورها ملايين الناس سنويا بعد “مكة المكرمة والمدينة المنورة” لقد عانت المدينة الكثير من الاهمال والتهميش وسوء الادارة وانعدام الكثير من الخدمات، تلك المدينة التي يتاجر الكثير فيها من ساسة العراق الاسلاميون بشعاراتها من دون تطبيق ، يكفي التذكير هنا بأزمات الخدمات الحياتية في مدينة كربلاء والمحافظات المجاورة لها بل في عموم العراق، إضافة الى معوقات العمل السياحي والاستثماري والمصرفي، ومشاكل الصحة والبيئة، والمواصلات والطرق الرديئة كما الواقع الأمني الذي يحتاج إلى إصلاح وتنمية وتطوير، والحديث عن احتياجات وضرورات زيارة الأربعين وعراق أهل البيت، حديث مرير ويطول ومن المهم اليوم ان ننظر الى مفهوم الزيارة الاربعينية كحدث يبرز للعالم عن اهمية العراق ودوره الحضاري والرسالي والإصلاحي في مواكبة التقدم والبناء والعمران والإصلاح والثقافة العامة في كل الجوانب .فالعراق بلد غني وقادرعلى مواكبة حدث التطور من خلال الاهتمام بجوانب الزيارة الاربعينية في كل تفاصيلها ورصد الأموال اللازمة لتطوير وتوسيع مدينة الإمام الحسين (عليه السلام )فامانة العتبتين المقدستين برغم الجهود الكبيرة المبذولة على كافة المستويات لكنها تعجز امام مشروع كبير لا تستطيع انجازه سوى الدولة بامكانياتها الكببرة ، ابتداءا من توسعة استملاك الاراضي والدور للعتبتين في كربلاء، وجعلها مدينة دينية خاصة محاطة بسور وتعامل كمدينة ومؤسسة إدارية مستقلة ومنفصلة عن محافظة كربلاء اداريا وامنيا ،ومشمولة بالميزانية السنوية من تخصيصات الدولة للمحافظات، وتعد خطة عمل شاملة على رقعتها الجغرافية بالتعاون مع امانة العتبتين الشريفتين على ان يتم التعاقد مع الشركات الرصينة في رسم مخططات المدينة وفق التخطيط العمراني الحديث في بناء وتطوير المدينة ،وانشاء الكليات والمدارس الدينية وبناء الطرق الواسعة والجسور والمرائب الكبيرة والمرافق الخدمية ،والمتاحف الاسلامية والتاريخية ومراكز دينية وفنية وثقافية تهتم بالتراث والعلوم الاسلامية والفكرية، ومجمعات سكنية متطورة للعاملين والمنتسبين في المدينة بكافة مؤسساتها ومرافقها السياحية، وفنادق للزائرين ومنتجعات وحدائق ومراكز للعلوم والأبحاث الدينية والعلمية والانسانية ،وبناء دور للرعاية الاجتماعية، ومستشفيات تهتم بالمرضى ورعايتهم الصحية والى كل ما تحتاجه المدينة وتلبي حاجات ومتطلبات الزائرين والوافدين من مؤسسات ومرافق اخرى .وبذلك نكون قد حققنا منجز حضاري وتاريخي واسلامي وفكري يليق بالعراق وشعبه وبمدينة الامام الحسين عليه السلام والتي تعتبر منار وقبلة للعالم باشراقاتها الفكرية والانسانية والتحررية .إنتهى

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار