مقالات

معوقات البناء الديمقراطي في العراق

((وان – بغداد))
محمد عبد الجبار الشبوط:
اتفقت قوى المعارضة العراقية في الخارج والولايات المتحدة الاميركية على اقامة نطام ديمقراطي في العراق بعد اسقاط نظام صدام حسين. وقد حرى الاتفاق على هذا الهدف في كل مؤتمرات المعارضة التي عقدت خارج العراق بدعم اميركي بدءً من مؤتمر فيينا عام ١٩٩٢ وانتهاء بمؤتمر لندن عام ٢٠٠٢.
لكن بعد مرور ١٥ عاما على سقوط نظام صدام ودخول “الاتفاق الديمقراطي” حيز التنفيذ، اسفرت الجهود عن اقامة نظام سياسي “هجين”، لا يمكن وصفه بالديمقراطي، رغم بعض مظاهره الديمقراطية وخاصة الانتخابات البرلمانية الدورية والتغيير السلمي للحكومات. فما الذي اعاق حتى الان اقامة نظام ديمقراطي فعلي في العراق؟
يستطيع المراقب ان يورد جملة اسباب منها:
السبب الاول: ان التحول نحو الديمقراطية بعد ٣٥ سنة من الدكتاتورية الفردية المطلقة لم يكن بفعل تطور مجتمعي-سياسي تدريجي طبيعي بل بفعل حرب خارجية اسقطت النظام بسرعة خاطفة نسبيا محدثة فراغا سياسيا كبيرا دون توفر البديل الديمقراطي الجاهز والمستعد لقيادة عملية التحول الديمقراطي بصورة ديمقراطية.
السبب الثاني: ان النخب السياسية التي قادت العملية السياسية لم تتخذ الديمقراطية هدفا وممارسة وعقيدة؛ انما كانت عبارة عن فئات حزبية فئوية تسعى في افضل الحالات الى تامين اقصى ما تستطيع تأمينه من حصتها من السلطة التي كانت مركزة بيد صدام. ولم تكن هذه الفئات تشكو من غياب الديمقراطية بقدر شعورها بمظالم فئوية. فالكرد يتحدثون عن التمييز القومي والشيعة عن الاضطهاد الطائفي والسنة صاروا يتحدثون عن الاقصاء والتهميش اللذين يتعرضون لهما على ايدي السلطات الجديدة. كانت وما زالت الديمقراطية اخر هموم هذه النخبة السياسية. والامر ينطبق على عامة الناس الذين كانوا يعانون من الحرمان المعيشي اكثر من شكواهم من الحرمان الديمقراطي والاضطهاد السياسي.
السبب الثالث: تخبط الادارة الاميركية التي تحولت الى سلطة احتلال في اجراءاتها بشان ما يعرف ببناء الدولة nation building وارتكابها عددا من الاخطاء النوعية التي اعاقت لاحقا البناء الديمقراطي السليم. وكان من ابرز اخطائها الاقرار بالمحاصصة وتثبيت الخطوط الفئوية في بناء السلطة واهمالها الخطط الموضوعة سلفا من قبل خبراء للبناء بعد سقوط النظام فضلا عن سلسلة اخرى من الاجراءات التي خلقت بيئة مناسبة لنمو الارهاب والمتمردين على النظام الجديد.
السبب الرابع: كشف سقوط النظام البعثي عن ظمور كبير في قيم المواطنة، مقابل تضخم سرطاني في التقاليد السابقة للدولة والانتماء الى الثقافات الفرعية في المجتمع الامر يخلق بيئة غير صالحة لاستنبات الديمقراطية بما تحمله من قيم الدولة الحديثة والاجماع الوطني والتعايش. لقد شوه النظام الصدامي طبيعة المجتمع العراقي الذي كان يسير باتجاه التطور المدني والتنوير الاسلامي قبله.
السبب الخامس: عيوب التأسيس التي رافقت عملية البناء البناء الديمقراطي المفترضة، تلك العيوب التي اعاقت المضمون الديمقراطي للعملية السياسية. ومن ابرز هذه العيوب الانحراف عن الديمقراطية، بدعوى الديمقراطية التوافقية، التي تحولت الى تقاسم حاد للسلطة باسم المحاصصة.
السبب السادس: الانخفاض الحاد بمستوى الثقافة السياسية الديمقراطية بسبب الحصار الثقافي الذي فرضه النظام البعثي الصدامي على المجتمع العراقي. وينعكس هذا سلبيا على السلوك السياسي للمواطن وخاصة فيما يتعلق بالانتخاب الذي اصبح انعكاسا للانتماء المذهبي او القومي او العشائري.
السبب السابع: الانتشار الواسع للامية الذي يرافقه التعقيد الكبير في الية التصويت بطريقة القائمة.
وهناك اسباب اخرى ايضا.
هل من علاج؟
نعم. وذلك بالبناء التدريجي لمجتمع سياسي حسن التنظيم من خلال نظام تربوي حديث، اضافة الى اعتماد #الانتخاب_الفردي

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار