مقالات

كتبت الصحافية جميلة الخزاعي “سعد الكَنر”

بقلم: الصحافية جميلة الخزاعي
قال تعالى
(وإن جندنا لهم المنصورون). سورة الصافات / ايه173.
عندما يصاب مجاهد في سوح الوغى والجهاد، فيقع على عاتق الجميع الوقوف الى جانبه ودعمه ماديا ومعنوياً، خصوصا من يفقد بصرهِ او جزء من جسده لان هذا جزء من الوفاء ورد الجميل.
عاد الشاب احمد في عقده الثالث، من عمله والدموع تملئ عيناه، استقبلته زوجته في استغراب فهي لم تعتد ان ترى زوجها ذو الشخصية القوية والجبروت باكياً، ففي قاموس حياته البكاء ليس للرجال بل حصراً للنساء، دنت منه في حذر قائلة
– لماذا تبكي يا أحمد؟
رد الشاب في حزن والم
– لقد خانني التصرف يا ليلى.
اصيبت بالذهول وهي ترى زوجها احمد بهذا الانكسار، ردت في حذر
– لم اعهدك كذلك، بل انت رجل مؤمن وطيب.
رد الشاب في حزن شديد
– لقد حصل معي موقف جعلني اخجل من ربي اولا ثم ممن كانوا معي !!
الشابة في استغراب وترقب
– عجباً، ما لذي حصل؟ ليجعلك حزين ومهموم هكذا؟!!
مسح الشاب دموعة في منديل ورقي كان يمسكه قائلاً
– اثناء عودتي اليوم من مدرستي، بعد انتهاء دوامي، رأيت جارنا سالم ومشينا معا، وتعلمين ان مدرستي قرب المسجد الذي يقام فيه صلاة الجمعة في مدينة الصدر فوجدت رجل ضرير يروم الذهاب للصلاة و…..
الزوجة في ترقب وحزن
– و… ماذا اكمل ؟
رد الشاب في عبرةَ
– لقد استهزئت به وقلت لصديقي: ليصلي في منزله، “هو اعمى”. وبدأت اضحك منه .
حزنت الزوجة الشابة وقالت في حزن
– استغفر الله، لا يا احمد، من نصبك قاضياً على الناس؟
بدأت دموعه تنزل كالسيل المتدفق من الحزن قائلاً
– ليس هنا المشكلة، بل اكبر من ذلك !!
انتاب الزوجة الحيرة والخوف في ان واحد
– ما المشكلة؟ انا في حيرة من امرك ؟
رد في خجل وحزن
– لقد حزن جارنا سالم، وقال لي كلام جعلني اخجل وأطأطئ راسي ارضاً.
الزوجة على عجالة
– عجباً، وماذا قال لك ؟
كفكف دموعه ومسح انفه وعيناه اللذان اصابهم الاحمرار من حرارة الدموع وخصوصا عندما تكون دموع ظلم واستهزاء بالأخرين دون معرفة ظروفهم، قال .
– قال لي : “ان صلاة الجمعة مؤيدة بتايد الله ” وهي واجبة، وان هذا الضرير يأتي من منطقة سكنه “سبع قصور” الى “مدينة الصدر” ليحضر صلاة الجمعة هو من المجاهدين الشجعان في “سرايا السلام” وفقد عيناه من اجل ان تنعمون بالحياة انتم، فمن غير الانصاف تستهزئ به، وقص على مسامعي قصته البطولية والمؤلمة في ان واحد.
نزلت دمعة من عين الزوجة، وتنهدت في حزن
– لا اله الا الله، يقطع كل هذه المسافة وهو ضرير من اجل الصلاة، هنيئا له، واتمنى ان تتخذه درسا ونموذجاً في عدم الحكم على الاخرين بسوء، وايضا في المواظبة على الصلاة فهو ضرير ويصليها، اما انتَ فتختلق الاعذار كي لا تذهب لصلاة الجمعة، حدثني عنه ؟.
رد الشاب في حزن
– اسم الجريح سعد البيضاني كان يسكن منطقة “سبع البور” كان مجاهدا شرساً واحد جند “جيش الامام عج” اذاق المحتل مر الهزيمة ثم التحق “بسرايا السلام ” منذ تشكيلها، شارك في عمليات التحرير في مناطق الاسحاقي والحويش وخط اللاين ومدينة سامراء المقدسة.
مسحت دموعها من على وجنتيها النضرة وردت في حياء
– لله دره من مجاهد، وكيف أصبح ضريراً؟ رد في حزن
– في تاريخ 20/8/2015 حدث اشتباك كبير جداً في قاطع “الاسحاقي” شارع السوق، استبسل سعد واشتبك مع العدو واصر على عدم ترك سلاحه نوع ( الكَنر الاحادية )، وهو الدرع الذي يكون فوق السيارة، لو تركها لما جرح!! ولكن كيف يترك سلاحه؟ ان سلاح المقاتل عرضه ومن المستحيل التفريط فيه، وكان يشاغل العدو ويسدد الضربة تلو الاخرى بعد ان اشتدت رحى الحرب، الى ان حدث شيء جعله يترك سلاحه رغماًّ عنه!!
ردت الزوجة في استغراب
– يا ترى ما الشيء الذي جعله يترك سلاحه؟ اكيد شيء كبير .
أجاب في حزن
– نعم، فقد كان عنيدا واسداً، ولكن اتى احد الدواعش مرتديا حزاما ناسفاً وبزي عسكري ووقف أمام المجاهد سعد وقام بتفجير نفسه، فسقط مخضباً بالدماء الطاهرة تاركاً سلاحه، وكان يردد : العجل، العجل يا صاحب الزمان .
رددت بصوت عال
– اللهم عجل لوليك الفرج واجعلنا من انصاره والمستشهدين بين يديه.
استرسل قائلاً
– يقول صديقي سالم، انه وبعد ان فقد عيناه لم يحزن ابدا بل كان يقول: اني ضحيت بعيناَي الاثنتينَ من اجل الوطن واهدي الاولى الى الامام الهادي والثانية للأمام العسكري عليهم السلام، وسأبقى جندي لدى الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف ومقاتل لدى ال الصدر الكرام.
ردت الشابة في حزن وسرور معا
– والنعم منه، كل هذا والجريح يحافظ على صلاة الجمعة، أي رجال هم؟ رد في صوت ابح
– هذا قليل عزيزتي، فقد كانت والدته ترعاه الا انها ماتت بعد عام من اصابته.
بكت الزوجة في لوعة والم وقالت
– أي صبر لديك ايها البصير سعد؟ انك في عين الله ورعايته يامن ضحيت للوطن والمقدسات كل ما تملك، ومن يرعاه الان ؟.اجاب
– يسكن مع اخيه الاصغر، يساعده في امور المنزل، فمازالت صلة الارحام موجودة بيننا، وبقي محافظا على صلاة الجمعة واحياء المناسبات الدينية وهو من مؤسسي موكب الامام الهادي (عليه السلام ) فيقوم بخدمة الزوار وهو ضرير ويساعد الفقراء والايتام ومن المداومين على اداء صلاة الليل، فقد بصره ولكنه لم يفقد بصيرته.
ردت في سرور
– أيّ روح قدسية يمتلكها هؤلاء الفتية ؟
أبتسم في خجل
– الجريح من المحبين لآل الصدر ودائما يردد على مسامع زملائه المجاهدين قائلا : لدي امل يرد لي بصري لأني طالما ارى مرجعي السيد الشهيد محمد صادق الصدر (قدس سره) في الرؤيا ويقول لي :علاجك لديه .
رددت الشابة في سرور
– السلام على السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره، وتحية امتنان لكل مقاتل جعل من عظامه جسراً ليعبر وطنه وشعبه إلى الأمان والحق، وسيظل أبطال (سرايا السلام) يذودون عن وطنهم وأهليهم، بكل مايملكون من عزيمة وأصرار وثبات.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار