مقالات

سرى السومرية..!

سرى العبيدي||

حين أجلس أمام جهاز الحاسوب الذي أعمل عليه لأكتب ما يعن لي يوميا ، لا أجد مناصا من الأعتراف بقوة المكان الذي أنا منتم اليه، وبسطوة الزمان الذي أنا وإياكم وجدنا أنفسنا فيه بلا أرادة لنا..!
أنا في بغداد، أكبر مدينة عراقية وربما عربية، في السنة العشرين من الألفية الثالثة بعد الميلاد..
على مسافة قريبة من المكان الذي أجلس فيه يوجد موقع “عكركوف” الأثري، الذي يشهد على وجود الإنسان، آلاف السنين قبل الميلاد، في ذات البقعة التي أجلس فيها، والتي لا يمكن أن أعرف كم عدد الذين جلسوا فيها، و فعلوا ما فعلوا، قبل أن ينتهوا إلى التواري خلف ما يزيد عن 21 ألف سنة قبل الميلاد، والتي هي أقدم حقبة معروفة من تاريخ وجود الإنسان في العراق. إنني بقوة المكان والزمان.
أجلس الآن ورأنا ارث، بمعية ما يقارب 40 عراقي وعراقية، لهذا العمق التاريخي و الحضاري والثقافي الضارب في منابع التاريخ…
ينبئني التاريخ أن مكاني كان موطنا لأقدم المجموعات البشرية التي عمرت في القديم بلاد مابين النهرين.
وتقول الحفريات أن أدوات الإنسان، في العصور القديمة، وتقويمه الزمني، وعقائده الدينية، وطقوس دفن الأموات، متطابقة مع ما هو سائد اليوم !
ثم انضافت على مر العصور، مجموعات بشرية من كل بقاع العالم، وانصهرت فيما بينها لتعطي الشعب الذي أنتمي إليه. لكن للأسف الشديد، فتاريخ شعبي لم يتم تلقيني إياه في المدرسة، ولا في الجامعة، و لا عبر وسائل الإعلام، على هذا النحو.
كل ما قيل لي هو أن العراق بلد “عربي”، و لم يبدأ تاريخه إلا مع رجل جاء من شبه جزيرة العرب، إسمه سعد بن أبي وقاص.
أما الذين كانوا هنا قبل هذا التاريخ، فهم ببساطة فص ملح وذاب في بحر الفتوحات الأسلامية العربية..لكن الحقيقة ليست هكذا قط، فالعراقيين هم هم منذ الأزل، و(شكو ماكو) و(ﭼا) و(صماخ) و(هاون) و(جاون) و(فالة) و(مشحوف) و(بلم) و(كضني) و(طركاعة) و(مسـﮔوف) و(بوري) و(بارية) و(صريفة) وأكثر من خمسة عشر ألف كلمة متداولة في العامية العراقية،هي كلمات سومرية مازالت مستعملة لغاية اليوم خصوصا في جنوب العراق…
كل الذين يعيشون في جنوب العراق هم سومريون بالفطرة وإن لم يكونوا من أعراق سومرية!
أنا سرى العبيدي.. سومرية بالتأكيد…!

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار