مقالات

الطريق الدستوري الى النظام السياسي

محمد عبد الجبار الشبوط :
ذكر الاعلامي تيمور الشرهاني في منشور له ان هناك تحشيدا شعبيا غير مسبوق لمظاهرات مليونية يوم الاول من اكتوبر القادم لغرض تفويض رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بتحويل نظام الحكم الى رئاسي وان يكون رئيساً لجمهورية العراق.
وان صح هذا الخبر، وان تحقق فعلا خروج تظاهرة شعبية بهذا العدد، فان هذا سيكون دليلا على وجود خلل الثقافة الدستورية للذين سوف يشاركون في التظاهرة المقترحة، ولدى الذين يؤيدون المنشور. ذلك ان رئيس الوزراء لا يملك الحق “بتحويل نظام الحكم الى رئاسي”، كما لا يمكن تنصيب احد لرئاسة الجمهورية عن طريق تظاهرة مليونية!
لا يستهدف هذا المقال مناقشة النظام الرئاسي او النظام البرلماني، وانما يناقش كيفية تغيير النظام السياسي القائم و الانتقال من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي من خلال الاليات الدستورية. اضحى الاصلاح السياسي من الضرورات الملحة. وهناك طريقان لتحقيق الاصلاح السياسي: الطريق الدستوري، والطريق غير الدستوري. وانا مع الطريق الدستوري مادام ممكنا، ولست مع الطريق غير الدستوري لانه يعيدنا الى عهد الانقلابات العسكرية، ويتناقض مع المباديء الديمقراطية التي اؤمن واتمسك بها. ولهذا الغرض خصصت هذا المقال لبيان الطريق الدستوري الى النظام الرئاسي.
المادة الاولى من الدستور نصت على ما يلي: “جمهورية العراق دولةٌ اتحادية واحدة مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق.”
وبينت المادة ٦٦ ان السلطة التنفيذية الاتحادية تتألف من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء.
وعليه، فان الغاء النظام البرلماني والانتقال الى النظام الرئاسي يستلزم تعديل هاتين المادتين والمواد الاخرى المتعلقة بهما.
وقد عالج الدستور العراقي مسألة تعديل الدستور في مادتين هما: المادة ١٢٦ والمادة ١٤٢. ففي المادة ١٢٦ قال الدستور انه يحق “لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين، او لخمس اعضاء مجلس النواب اقتراح تعديل الدستور”.
ولكي يكون التعديل نافذا يجب ان يحظى بموافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام.
لكن المادة ١٤٢ اضافت تفاصيل جديدة الى الية تعديل الدستور:
“اولاً – يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسة في المجتمع العراقي , مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب , خلال مدة لاتتجاوز اربعه اشهر , يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور , وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها .
ثانيا: تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها وتعد مقرة بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس.
ثالثاً: تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب وفقا لما ورد في البند ( ثانياً ) من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها، خلال مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ اقرار التعديل في مجس النواب.
رابعاً: يكون الاستفتاء على المواد المعدلة، ناجحاً بموافقة اغلبية المصوتين، واذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات او اكثر.
خامسا: يستثنى ما ورد في هذه المادة من احكام المادة ( 126) المتعلقة بتعديل الدستور، الى حين الانتهاء من البت في التعديلات المنصوص عليها في هذه المادة.”
ونفهم مما مر ان هذه المادة حاكمة على المادة ١٢٦.
وعليه، فان التظاهرة المزمعة يمكن ان تعبر عن رغبة المشاركين فيها بالانتقال الى النظام الرئاسي، وهذا حق كفله لهم الدستور، لكنها، ومهما بلغ عدد المشاركين فيها، لا تمثل طريقا دستوريا لتحقيق هذه الرغبة. كما ان المشاركين فيها لا يملكون الحق الدستوري في تفويض رئيس الوزراء القيام بخطوة ليست من ضمن صلاحياته الدستورية.

ملاحظة : ان كل ما ينشر من مقالات تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعتبر من سياسة الوكالة، وحق الرد مكفول.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار