مقالات

الارهاب والفساد وجهان لحكومة واحدة

بقلم : نوفل آل صياح الحمداني

٢٠٢٠/٦/١٤

تؤكد معظم المراجع العلمية ان هناك علاقة جدلية بين الارهاب والفساد فكلاهما اعمال منافية لطبيعة الجنس البشري ومنظومة القيم الاخلاقية والانسانية.
فالارهاب هووسيلة من وسائل الاكراه المتعمد لخلق اجواء من الخوف والفزع والهلع والرعب لدى ابناء الجنس البشري.
ويرى عدد من الباحثين ان العمل الارهابي يعود إلى ثقافة الإنسان وحبه للسيطرة وزجر الناس وتخويفهم بغية الحصول على مبتغاه، بشكل يتعارض مع المفاهيم الاخلاقية الاجتماعية والانسانيةالثابتة.ويرى آخرون
ان الاسباب التي تجعل من الشخص او المجموعةارهابي هو عدم استطاعة هذا الشخص او المجموعة فرض سيطرتهم ونفوذهم لعدم تقبل الشعوب لهم ولشعورهم بضعف امكانياتهم في التوافق والانسجام مع طبيعة الشعوب والمتغيرات التي تعصف بالمجتمع .
أن العمل الإرهابي عمل قديم يعود الى مئات السنين وليس حدثًا طارئًا في تاريخنا المعاصر وتتعدد اهدافه وسبله واتجاهاته للتأثير على الشعوب.
اذ استخدم مصطلح terrorism لأول مرة العام 1795 وكانت الكلمة فرنسية مشتقة من كلمة لاتينية terrere أي «التخويف»، واستعملت الكلمة لوصف الأساليب التي استخدمتها المجموعة السياسية الفرنسية Jacobin Club بعد الثورة الفرنسية خلال الفترة التي عرفت باسم Reign of Terror. وكانت هذه الأساليب تشمل إسكات واعتقال المعارضين لهذه المجموعة السياسية التي كان لها دور بارز في الثورة الفرنسية.
و في بدايات القرن العشرين كانت كلمة الإرهابي تستخدم بصورة عامة لوصف الأشخاص أو الجهات الذين لايلتزمون قوانين الحرب عند نشوب صراع معين، مثل تجنب الاستهداف المتعمد لأهداف مدنية أو أشخاص مدنيين ورعاية الأسرى والمعتقلين والعناية بالجرحى. وكان التعبير يستخدم أيضًا لوصف السياسيين الذين يجبرون الشعوب بالقوة على اخضاعها لهم لتقبل سياستهم .
ولعل الإرهاب يعد من أخطر التحديات التي تواجهها المجتمعات في عصرنا. وفي ظل تعقيدات الأزمات وتشابك المصالح، لا تبدو دولة أو ساحة بمنأى كامل عن مخاطر الأعمال الإرهابية وتداعياتها، وإن تفاوتت المخاطر بين بلد وآخر ومرحلة وأخرى.
فَفرض ثقافة الخوف والرعب عن عمد في نفوس الاخرين تحجب العقل عن التفكير وتزيد من حدة وتوتر المشاعر مما تجعل من الاسهل تعبئة الجمهور نحو اهداف الارهابيين والرضا القصري بالسياسات التي يرغبون تمريرها.
وأحد واهم اسباب ونواتج الارهاب هو الفسادفحيث ينتهي الارهاب يبدأ الفساد الذي يجسد انحراف النفس الانسانية عن مسارها القويم وتدمير وتلويث نزاهة الاداء والسلوك والتفكير فتتغير الطبيعة البشرية من تكوينها المثالي والواقعي الانساني الى حالة متدنية مشينة تنحدر بالانسان الى المستوى الاسوء .
ومنذ ان انتزعت السلطة من العراق في ٢٠٠٣ بقوة عسكرية لوجستية امريكية مورست اقصى اساليب الارهاب والترهيب والترويع والتخويف في قتل العراقيين وتدمير البنى التحتية وتهجير العوائل واعتقال الشباب وتهميش فئات من المجتمع العراقي وسلب الحقوق المشروعة في التصدي للاحتلال وفرض سلطة القوة والسلاح اتجاه من يعارض المحتل ومن جاء معه لحكم العراق .
فبدأت مرحلة من اعقد واصعب المراحل التي مر بها العراق بتاريخه القديم والمعاصر حيث تزاوج الارهاب مع الفساد لتمرير مخططات الحكومات التي توالت على العراق بأمر المحتل فاعتمدت اساليب الترهيب والقتل للتغطية على مشاريع الفساد التي انتهجتها الحكومات في سرقة الثروات وتزوير الوثائق والمستندات واستملاك المؤسسات باسم الكتل والشخصيات والاحزاب وترويع السكان بالتهجير والنزوح من مناطقهم لاحتلالها من قبل مليشيات الغرباء وبغية اضعاف قوة اللحمة العراقية وزرع ثقافة البغض والحقد بين المذاهب والطوائف والاديان .وصناعة الازمات والصراعات وتغذية كل الاساليب التي تمول الارهاب وتشجع الفساد .
فتنامى الفساد الى ان اصبح حوتاً شرساً ووحشاً قاتلاً تتقاذفه السلطات الحكومية والقضائية وهيئة النزاهة وكل منهم يرمي الكرة الى ملعب الاخر في الادانة والتبجح بمحاربة الفساد.
فانتقل العراق من مركز الحضارة والثقافة الراقية الانسانية الى رمز ومنبع للارهاب والفسادوتعودت الحكومات والاحزاب الحاكمة والمساندة لها على بث ثقافة التخويف والترهيب والترويع واشغال الشعب بالتناحر الطائفي والديني والقومي سعياً منها لافساد النفوس الوضيعة والضعيفة ولتجعل من عقل الانسان العراقي يترنح بين قبول حياة الذل والفقر والجوع وانعدام ابسط متطلبات الحياة او الخضوع بالقوة لارادتها ومواجهة شبح الموت والجوع والتشرد كل ذلك لتمرير مشاريعها ومخططاتها المشبوهة للتحكم بمصير العراق وشعبه .
فالعراق الذي دمرته امريكا عسكرياً ، تستكمل تدميره اقتصادياً ونفسياً الحكومات والاحزاب العراقية التي فاقت مجموع أحزاب دول العالم والمختبئة خلف ستار الدين والطائفة والقومية والتي تدعي الوطنية ولكنها تكذب وتخون وتزور للظفر بالكعكة وممارسة اللصوصية ونهب اموال العراق وافراغ ميزانيته في مشروعات العمران والبناء والنهضة التنموية للبنى التحتية ولكن على الورق فقط اي مشاريع وهمية وليس لتحسين أحوال الشعب، وازدهار وتطوير الدولة.
فاصبح الفساد المالي والاداري والاخلاقي ينخر الطبقة الحاكمة المتربصة بالبلاد والعباد دماراً وسرقات وفوضى.
مما جعل العراق يحتل مرتبة متميزة، بين الدول العشر، الأكثر فساداً بالعالم.
مما تجلت هذه المعادلة والعلاقة الترابطية بين الارهاب والفساد الحكومي وبأقصى اساليب الابتذال في تصاعد الاحتجاجات الشعبية الشاملة لمعظم مدن العراق لازاحة طاقم الارهاب والفساد الحكومي بسبب عجز هذا الطاقم من اتخاذ اي اجراء فعلي صارم ضد الارهاب والفساد بل افصح عن تذمره وقلقه المزيف على واقع العراق ومظالم شعبه وكانه خارج نطاق العراق ومعاناة الشعب .
مما اثبت ان هذه الحكومات المتعاقبة لا تصلح إلا للترهيب والتهديد والفساد والفوضى، وإفقار وإهلاك الشعب لانهم دمروا كل شيء لينعموا بكل شيء .

التغيير قادم لامحالة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار