من أعماق البحر إلى قلب المتحف: تمثال نادر لملكة بطلمية تجسد المعبودة أفروديت

من أعماق البحر إلى قلب المتحف: تمثال نادر لملكة بطلمية تجسد المعبودة أفروديت.
هل تعلم أن هناك تمثالًا رائعًا لملكة بطلمية تم انتشاله من قاع البحر المتوسط؟ هذا التمثال، الذي يبلغ ارتفاعه 150 سم ويتألف من جرانيت أشهب، يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وهو من أجمل الأعمال الفنية التي تمثل العصر البطلمي. يمكنك الآن مشاهدة هذا التمثال في المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية قاعة الآثار الغارقة حيث يلفت انتباه الزوار بجماله وغموضه.

هذا التمثال، الذي فقد رأسه، يصور امرأة ترتدي رداءً مزخرفًا يكشف عن تفاصيل جسدها بدقة. فوق ثديها الأيمن، توجد عقدة تشبه عقدة المعبودة إيزيس، التي كانت زوجة وأم الآلهة في الأساطير المصرية. هذه العقدة كانت رمزًا للملكية والقداسة في العصر البطلمي، وكانت تزين تماثيل النساء من الطبقة الحاكمة. ومن هنا، يمكننا التخمين أن هذا التمثال يمثل إحدى ملكات البطالمة، اللواتي كن يحاولن تقليد الإلهة إيزيس في شكلهن وسلطتهن.

ولكن من هي هذه الملكة بالضبط؟ هناك دليل آخر يمكن أن يساعدنا في الإجابة على هذا السؤال. إن شكل الرداء الذي يلتصق بجسم الملكة يذكرنا بالفن الهلنستي، الذي كان شائعًا في العصر البطلمي. وفي الفن الهلنستي، كان هناك تماثيل شهيرة للمعبودة أفروديت، إلهة الحب والجمال، وهي ترتدي ثوبًا مبتلاً يبرز مفاتنها. وبحسب الأسطورة، فقد ولدت أفروديت من رغوة البحر قرب ساحل قبرص. وهناك ملكة بطلمية واحدة كانت تعتبر نفسها تجسيدًا لأفروديت على الأرض، وهي الملكة أرسينوي الثانية، التي كانت زوجة وأخت بطليموس الثاني.

أرسينوي الثانية كانت امرأة ذكية وماهرة في السياسة والدبلوماسية. كانت لها دور كبير في الفوز في الحرب السورية الأولى ضد السلوقيين، وحصلت على امتيازات عديدة من زوجها وأخيها. كما كانت تحظى بتقدير كبير من رجال الدولة والأدباء في عصرها. وبعد وفاتها، تم تأليهها واعتبارها معبوده مثل إيزيس وأفروديت. ولعل هذا التمثال هو واحد من الأعمال الفنية التي تكرم ذكراها وتمجد شخصيتها.

إذن، يمكننا القول أن هذا التمثال هو تمثال نادر وفريد من نوعه، يجمع بين الثقافتين المصرية واليونانية، ويعبر عن قوة وجاذبية المرأة في العصر البطلمي. إنه تمثال يستحق الاهتمام والإعجاب، ويدعونا إلى التعرف أكثر على تاريخ وحضارة هذه الفترة المذهلة.