الثقافية

مخرج فلسطيني: السينما الوثائقية اليوم فعل مقاومة ويجب وضع المثقفين أمام مسؤوليتهم التاريخية

((وان_بغداد))
تحدّث المخرج الفلسطيني عائد نبعة، الذي حلّ ضيفاً على مهرجان سينما الحقيقة الدولي بدورته السابعة عشرة في طهران، وشارك في تقديم ورش عمل خاصة بنافذة غزة خلال فعاليات المهرجان، عن أهمية السينما و الأفلام الوثائقية على العموم، وعن ميزات الأفلام التي تطرق للقضية الفلسطينية والنقاط التي يجب التركيز عليها في هذا الإطار.

وفي مستهل الحوار يستعرض كاتب السيناريو ومخرج ومنتج الأفلام الوثائقية المقيم في فرنسا، رأيه بالنسبة للسينما و الأفلام الوثائقية وأهمية أفلام الواقع في عالم اليوم، قائلاً: الفيلم الوثائقي بالنسبة لي هو أنبل وسيط سمعي بصري يمكن من خلاله الحديث عن الذات وسرد قصص وحكايات الآخرين، لقد شهد العالم تطوّراَ كبيراً على هذا الوسيط الذي بات يسمى الفيلم الوثائقي الإبداعي، فهو وسيط يحتمل مزج الفنون الأخرى مثل الرسومات واللقطات التجريبية بالاضافة إلى شريط الصوت، حتى بات الفيلم الوثائقي وسيلة نسافر من خلالها للتعرف على العالم من حولنا، ولقاء أصحاب القصص، فكل فرد منا لديه قصة يمكن أن تكون في فيلم وثائقي يوما ما. فمخرج الأفلام الوثائقية عندما يعثر على القصة كأنه يعثر على كنز، ويبدأ الخيال بالتجلي في كيفية رواية هذه القصة ويبدأ التفكير في الأدوات البصرية اللازمة لتأسيس هذه القصة، فالفيلم الوثائقي هو رحلة ابداعية قد تستمر لسنوات يفتح من خلالها المخرج الكاميرا بانتظار الحدث أحياناً، أو يقرر رواية القصة باستخدام الأدوات السينمائية الشاعرية من اللقطات الأرشيفية واللقطات الحيّة حتى يصل في النهاية إلى فيلمه ومن هنا تأتي أهمية الوثائقي.

يُكمل المخرج الفلسطيني الذي بدأ مسيرته في “عالم التسجيلي” منذ عام 2003 بشكل أساسي كمخرج أفلام مستقل، وكتب وأخرج عشرات الأفلام الوثائقية التي تركز على الثقافة العربية والحياة اليومية والسياسة لا سيما القضية الفلسطينية، موضحاً ميزات الأفلام التي تطرق لموضوع فلسطين والنقاط التي يجب التركيز عليها في هذا الشأن: لقد حظيت السينما الفلسطينية بثورة مبكرة، وهناك سينما وثائقية وروائية نشأت قبل النكبة في فلسطين، ولكن رواد هذه السينما هُجّروا من فلسطين في زمن النكبة عند هجوم عصابات الصهاينة على المدن والقرى الفلسطينية، لذلك فقد هذا الجيل من المخرجين أفلامهم التي أنجزوها في فلسطين قبل النكبة، ولكن الحراك السينمائي عاد في أواسط الستينيات، وسميت تلك الحقبة بسينما الثورة، ولقد تنبه الفلسطينيون إلى أهمية سينما الثورة في نقل صورة الفلسطيني اللاجىء من جهة وأهمية تصوير المقاومة الفلسطينية من جهة أخرى، وجابت هذه الأفلام العالم للتعريف بالقضية الفلسطينية والتعريف بدور الفدائي الذي يقاتل من أجل الحرية واستعادة الوطن.

سينما الحقيقة يفي بوعده

أما عن رأي نبعة بشأن مهرجان سينما الحقيقة والأفلام التي عرضها المهرجان، خاصة الأعمال التي تتناول موضوع غزة، مُردفاً: مهرجان سينما الحقيقة يفي بوعده دوما نحو الفيلم الوثائقي، ويتيح الفرصة لصناع الفيلم الوثائقي لعرض أفلامهم على الجمهور المتعطش للسينما الوثائقية، ويفي المهرجان بالتزاماته نحو خلص فرص اللقاءات بين صانعي الأفلام في إيران مع صانعي الأفلام حول العالم. فهذا التواصل هو بمثابة خطوة مهمة نحو توحيد صوت صانعي الأفلام لتسليط الضوء على قضايا الشرق الأوسط، والعالم الإسلامي فنحن أصحاب رواية وسردية مهمة يجب أن ننقلها إلى العالم، وأعتقد أن تسليط المهرجان على ما يجري في غزة اليوم هو خطوة نحو حماية الرواية الفلسطينية وتسليط الضوء على عدالة هذه القضية.

الجمهور تفاعل مع القصص الحيّة

ويتطرق المخرج الفلسطيني القادمة الى ايران مُحمّلاً بهموم ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من بطش وإجرام صهيوني، الى حضوره لأول مرّة الى ايران والى مواضيع الورشة التي أقامها في المهرجان، ويقول: كانت هذه هي المرة الأولى لي لحضور مهرجان سينما الحقيقة في إيران، وهو شرف كبير لي للتواجد بين الجمهور المحب والمخلص للسينما الوثائقية، وقد قدمت ورشة عن ما يجري في غزة من إبادة جماعية وفي فلسطين عامة من خلال تجربتي في صناعة الفليم الوثائقي ، وقد قدمت للجمهور شهادتي من خلال مسيرتي في العمل الوثائقي عن فلسطين التي تمتد إلى عشرين عام. وقد عرضت بعض المقاطع من الأفلام الوثائقية التي أنجزتها على مرّ السنين، وقمت برواية التجربة من خلال بعض الصور وقد تفاعل الجمهور مع القصص الحيّة التي تم عرضها ومنذ اليوم الأول للمهرجان نخوض يومياً النقاشات واللقاءات من أجل الحديث عن الرواية الفلسطينية.

دور مخرج الفيلم الوثائقي

وحول دور المثقف المقاوم لإنتاج افلام وثائقية خاصة بموضوع غزة، يردف موضحاً: دور المثقف اليوم وخاصة مخرج الفيلم الوثائقي هو الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ، فلقد أصبحت السينما الوثائقية اليوم فعل مقاومة، ويجب وضع المثقفين أمام مسؤوليتهم التاريخية، ودعونا نتذكر عندما وقف المثقفون والكتّاب في العالم ضد الحرب التي شنتها أمريكا في فيتنام، ونتذكر عندما وقف المثقف أيضاً ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وبدأ الفنانون بالمقاومة بالمقاطعة الثقافية التي كانت سلاحاً مؤثرا جدا. ولهذا يجب على الفنانين والمثقفين التحلّي بنفس الروح والإبتعاد عن إزدواجية المعايير، لأن فلسطين قضية عادلة ولهذا أكثر ما يخيف أمريكا اليوم هو حراك الشارع وخاصة الطلابي الذي يذكّرها بالحراك الشعبي ضد حرب فيتنام. فلقد كانت الصور المتدفقة تضرب الصورة الأمريكية وتكشفها، وهكذا ضربت المقاومة الفيتنامية التوّاقة للحرية بأسطورة الجيش، وكان للفيلم نفس الأثر المدمر وخاصة فيلم “بعيدًا عن فيتنام“ للمخرج السويسري جان لوك غودار الذي كان ملتزما تجاه القضايا الإنسانية المهمة وعمل فيلم عن الثورة الفلسطينية أيضا بعنوان ”هنا وهناك“ والذي كان يقول على كلّ منا أن يحمل فيتنام صغيره في قلبه، وأقول اليوم على كل فنان ومثقف أن يحمل غزة صغيرة في قلبه.

صعوبات جمّة في إخراج الوثائقي الفلسطيني

وحول ظروف إنتاج و إخراج افلام وثائقية عن فلسطين في داخل الأراضي المحتلة، وحول الصعوبات التي يواجهها المخرج الفلسطيني بهذا الشأن: ظروف الإنتاج في فلسطين صعبة جداً، لأن فرق الانتاج تواجه صعوبات جمّة في التنقل بين القرى والمدن الفلسطينية، أو حتى إجتياز الحدود أحياناً، وخاصة الدخول إلى غزة الذي يعتبر من المستحيلات، لذلك نجد الآن الكثير من المخرجين من غزة من الذين نجحوا في إيصال أفلامهم إلى العالمية، وبتنا نتغلب على الصعوبات التصوير في غزة من خلال التواصل مع فرق محلية مدربة وتمتلك الكثير من المهنية العالية. ولكننا ندرك أن الإحتلال هو من يخلق هذه الظروف الصعبة ونحن بحاجة للتغلب عليها ممن أجل إيصال صوت فلسطين.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار