الثقافية

الاشكالية الجدلية بين الأمية والثقافة وعلاقتهما بالوعي

د. محمد جستي /المغرب..
إن إشكالية النشأة الإجتماعية هي بمثابة إشكالية نقدية بالمعنى التي أصبحت فيه حرية الفرد كبيرة أمام تنامي تعقد المجتمع الحداثي.
كما أن تعاظم الإختلافات الإجتماعية المصيرية والثقافية وتطور التقنية ووسائل الإعلام والإتصال خلق هوة شاسعة بين المواقع الإجتماعية للأفراد.
في هذا السياق سنحاول تحديد الوضع السليم لمفهوم الأمية والثقافة وعلاقتهما بالوعي على المستوى الفكري البارز، إما غاية أو رسالة أو سلعة، هذا من خلال طرح الإشكالية الجدلية المنطقية لإثبات المفاهيم الأساس.
الأمية كآفة اجتماعية تعبر عن الجهل والتخلف،تتنافى في حد ذاتها والكتاب المأثور مع السنة، حيث تنخر مفاصل دول العالم الثالث بجميع سلبياتها، إنها تحول بين الفرد والعجز عن مزاولته نشاطاته الحيوية اليومية، إذ تقف الأمية الهجائية والثقافية والوظيفية والمعلوماتية حاجزا أمام التطور الفكري والمردودية الإنتاجية ، ما يبرهن عن عدم توفر مخزون ثقافي واسع ذهني لدى الفرد، هذا ما يسبب تراجعا جوهريا في مختلف القطاعات التنموية الحيوية.
ولاستحضار الموازنة الثقافية كنظام للتعبير بين الطموح والواقعية عند السواد الأعظم ، فلابد من طرح المحتوى الثقافي كاستشراف للتخطيط الأفقي في كسب الرهان من أجل التحيين المستمر للبيانات الذهنية والإفصاح عن نجاعة الكلام كرؤية متبصرة. هذه الماهية والمحاكات كمنتوج ثقافي شامل يضمن جودة الإشباع الفكري نحو سريان دينامية واسعة للإصلاح والتجديد الفعلي.
إذ لسنا بحاجة إلى الإشارات المقتضبة أو الخطابات الجاهزة أكثر مما نحن في أمس الضرورة إلى موجهات مؤطرة للواقع الحالي كمؤشر لقياس الوعي لدى الشعوب.
لذا تنبني أسس إدراك الذات على تجدير الوعي الفردي والجماعي كمرجع للإستقرار المعرفي لتقريب المسافة بين البنية الناشئة للوعي وبين محدوديته انطلاقا من تشخيص المرجعيات الفردية.
جميع الفراضيات تؤكد تتناغم الأمية مع الوعي واللاوعي رغم انسلاخها عن الثقافة كجزء وارد،
كما أن الثقافة تتماشى مع الوعي و اللاوعي هي بدورها.
حقيقة الأمر أن الأمي شخص غير مثقف لكن يمكنه اعتلاء منصة الوعي استنادا إلى جودة تربيته ومحيطه ونبل قيمه وانضباط أخلاقه.كما يمكنه الانسياق وراء جميع أشكال المخالفات القانونية والمحرمات الدينية والخروج عن المألوف.
أما موقع المثقف يقع بين المنزلتين، يحتمل أن يتسم بالوعي الإدراكي كما يصطدم نسبيا بعدم الوعي وصعوبة التحكم في تصرفاته الإرادية واللاإرادية.
أما الوضع السليم للإنسان الواعي يتأرجح بين الأمي والمثقف حسب الأسباب والغايات المنسوبة إليه.

الدكتور محمد جستي – المملكة المغربية-

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار