بريطانيا:جونسون يشيد بالمجتمع بعد تطوع 750 ألفا ورقم قياسي في الوفيات
((وان – بغداد))
أشاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون باستجابة المجتمع لأزمة فيروس كورونا مخالفا بذلك المقولة الشهيرة لرئيسة الوزراء المحافظة السابقة مارغريت تاتشر التي قالت «لا يوجد شيء اسمه المجتمع».
فقد اغدق جونسون الثناء على المجتمع البريطاني بعد أن تداعى نحو 750 الف شخص الى تلبية الدعوة للمساعدة في دعم نظام الصحة الوطني ومساعدة كبار السن والفئات الضعيفة من المجتمع التي تلتزم بالعزل الذاتي.
وعاد 20 الف من الاطباء والممرضات المتقاعدين ومختصي الرعاية الصحية السابقين الى المساعدة على الخطوط الطبية الأمامية مع انتشار الفيروس.
وطُلب من طواقم شركات الطائرات مساعدة الطواقم الطبية،وسارعت مجموعات من المجتمع إلى مساعدة الجيران، بينما تمت تعبئة الشركات للقيام بجهد جماعي لم تشهده البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال جونسون «من الأمور التي اثبتتها ازمة فيروس كورونا ان هناك فعلا شيء اسمه المجتمع».
والاسبوع الماضي اعلن جونسون اصابته بالفيروس وقال انه يعاني من «اعراض طفيفة». وأكد في تسجيل فيديو عبر تويتر أن الفيروس سيتم التغلب عليه من خلال الجهد الجماعي، مضيفا «سنتغلب عليه معاً».
و أعلنت بريطانيا الثلاثاء عن تسجيل عدد قياسي من الوفيات بفيروس كورونا المستجد بلغ 381 وفاة خلال الساعات ال24 الماضية، أي ضعف العدد الذي سجلته خلال ال24 ساعة التي سبقت.
وقالت وزارة الصحة عبر حسابها على تويتر «لغاية الساعة الخامسة بعد الظهر (16,00 ت غ) من يوم 30 آذار/مارس، فقد توفي للأسف 1789 شخصاً من بين من تم ادخالهم الى المستشفيات» للعلاج من الفيروس، اي بارتفاع عن 1408 وفاة الاثنين.
وذكر جهاز الرعاية الصحية في انكلترا أن أعمار الضحايا تتراوح ما بين 19 و98 عاما وكانوا جميعا، باستثناء 28 منهم، يعانون من مشاكل صحية أخرى.
وسجل أعلى عدد وفيات سابق السبت مع 260 حالةً، وانخفض هذا إلى 180 الاثنين.
وتأكدت إصابة نحو 25150 شخصا بالفيروس حتى الآن في بريطانيا، ومن بينهم رئيس الوزراء بوريس جونسون، وهي زيادة يومية بمعدل 3009 حالة.
وكشفت البيانات التي نشرها مكتب الإحصاءات الوطنية لإنكلترا وويلز الثلاثاء أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بنسبة 24%.
وتغطي الأرقام الحكومية الاشخاص الذين تم نقلهم إلى المستشفى وفحصهم للكشف عن الفيروس، في حين أن بيانات المكتب تتعلق بالوفيات في المناطق التي يشتبه بانتشار كوفيد-19 فيها.
وصرح جونسون في اجتماع للحكومة عبر الفيديو ان «ارتفاع عدد الوفيات في الأيام الأخيرة يثبت الأهمية القصوى لاستمرار عامة الناس للالتزام بتوجيهات الحكومة حول التباعد الاجتماعي».
واضاف «الوضع سيتدهور قبل أن يبدأ في التحسن – ولكنه سيتحسن».
وكانت أطلقت تاتشر تصريحها الشهير في ذروة سلطتها التي استمرت 11 عاما والتي أحدثت تحولا في بريطانيا بعد أن أدت الاضطرابات الصناعية التي شلت البلاد في السبعينات إلى الاطاحة باسلافها العماليين.
وقالت في مقابلة لمجلة في 1987 «لا يوجد شيء اسمه المجتمع … هناك افراد من رجال ونساء، وهناك عائلات».
وفسر انصارها ذلك التصريح بأنه دفاع عن الفردية في السوق الحرة وانتقاد للاعتماد المفرط على الدولة.
لكن المعارضين، لا سيما الليبراليين واليساريين، استغلوا ذلك كدليل على قسوة المحافظين، ونقص التراحم، والأنانية في الوقت الذي كانت ترتفع فيه معدلات البطالة ويتغير فيه المجتمع.
واتهمت تلك السياسة بأنها أدت الى توسيع الهوة بين الأغنياء والفقراء، حتى أن رئيس الوزراء العمالي السابق توني بلير قال انها أدت أيضاً إلى «الانعزالية والعزلة» على الساحة العالمية.
حتى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يُنظر إليه على أنه جزء من اتجاه عالمي للابتعاد عن التعاون الدولي.
لكن الدعم غير المسبوق الذي قدمته الحكومة للشركات والأفراد الذين تضرروا من أزمة فيروس كورونا، أعاد تسليط الأضواء على العلاقة بين الناس والحكومة.
وقال جونسون الاسبوع الماضي «لم يسبق في تاريخنا أن أحاطت الحكومة الناس بذراعيها كما تفعل الآن لمساعدتهم على تخطي هذه الأوقات».
ويعتبر هذا التحول دراماتيكيا بشكل خاص لأنه يأتي بعد أشهر من وصف المحافظين لاجندة حزب العمال الاشتراكية بأنها «طائشة» وتعتبر تهديدا للاقتصاد.
ولكن هل يعني ذلك أن جونسون يؤذن بتغيير جذري في سياسة حزب المحافظين؟ تختلف الآراء في ذلك.
قال أستاذ التاريخ ريتشارد فينن من جامعة «كينغز كوليدج لندن»، إن رئيس الوزراء استخدم عن دراية اقتباساً مشهوراً «تم أخذه عمدا خارج السياق» على مر السنين.
وصرح فينن، مؤلف كتاب «بريطانيا تاتشر» لوكالة فرانس برس «+الدولة الكبيرة+ هو بالتأكيد ابتعاد عن ارث تاتشر».
وقال «لكن تاتشر استخدمت الدولة في أوقات معينة»، مشيرا الى تشكيلها «وزارة حرب» خلال نزاع جزر فوكلاند مع الأرجنتين عام 1982.
ورأى المحاضر السياسي بن ويليامز، من جامعة سالفورد، إن أزمة كوفيد-19 أعطت جونسون «الفرصة لإعادة تشكيل موقف المحافظين تجاه المجتمع» وإعادة صياغته بشكل حاسم.
وكتب ويليامز على على موقع «كونفيرزيشن» انه يبدو أن جونسون «يدرك أن هذه الأزمة<span