المحلية

رئيس الجمهورية في مؤتمر (كوب 28) يدعو لإقامة تجمع إقليمي يضم الدول الثماني المتشاطئة على الخليج لمواجهة أخطار التغير المناخي

شارك فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، اليوم الجمعة 1 كانون الأول 2023 بأعمال الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف للمناخ في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ (Cop28) المنعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة – دبي.
وخلال المؤتمر، الذي عقد بمشاركة زعماء وقادة أكثر من 180 دولة، ألقى رئيس الجمهورية كلمة أكد خلالها ضرورة أن تكون مخرجات مؤتمر دبي للمناخ شاملة ومتوازنة ومنصفة فيما يخص التقييم والهدف العالمي للتكيف بالاستناد إلى مبدأ المسؤولية المشتركة وحسب القدرات والظروف الوطنية لكل دولة وبما يحقق الانتقال العادل والمنصف نحو الطاقة النظيفة المتجددة والمستدامة وزيادة مرونة التكيف مع التغير المناخي مع مراعاة حاجة البلدان النامية في الحصول على التمويل المناخي لبناء القدرات ونقل التكنولوجيا.
كما أوضح السيد الرئيس أن العراق بلد قليل الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري إلا أنه من أكثر بلدان العالم هشاشة تجاه التغيرات المناخية، خصوصا في قطاع المياه والزراعة، كونه يواجه أزمة مائية شديدة الخطورة بفعل تراجع إيراداته المائية من دول المنبع وتأثير التغير المناخي وأساليب الري التقليدية، الأمر الذي أصبح يهدد إرث حضارته ‏وحاضره ومستقبل أجياله القادمة.
وأكد فخامته ضرورة إقامة تجمع إقليمي يضم الدول الثماني المتشاطئة على الخليج لمواجهة أخطار التغير المناخي، مشدداً على أهمية بذل المزيد من الجهود للسعي معاً كمجموعة تفاوضية واحدة وبموقف موحد يشرح صعوبة مستقبل المنطقة المناخي للعالم ويسعى لضمان حقوق شعوبها.
وفي ما يلي نص كلمة فخامة رئيس الجمهورية:

“أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي
‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
‏ نتقدم لكم بأطيب التحيات من العراق بلاد وادي الرافدين مهد الحضارات البشرية التي قدمت العلم والمعرفة والقانون فكانت أول أرض شرعت فيها القوانين مقترنة بإرثها الطبيعي المستمد من نهريها دجلة والفرات والذين أصبحا اليوم مهددين بالانحسار والجفاف بفعل تأثيرات عديدة من بينها التغير المناخي.
‏ إن العراق بلد قليل الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري إلا أنه من أكثر بلدان العالم هشاشة تجاه التغيرات المناخية، خصوصا في قطاع المياه والزراعة، إذ يواجه أزمة مائية شديدة الخطورة. ‏فما نعانيه اليوم بفعل تراجع إيراداتنا المائية من دول المنبع وتأثير التغير المناخي وأساليب الري التقليدية أصبح يهدد ارث الحضارة ‏وحاضرنا ومستقبل أجيالنا القادمة. وخير مثال على ذلك جفاف الأهوار في جنوب العراق المدرجة ضمن لائحة التراث العالمي.
‏ فان أحداث الطقس المتطرفة في العراق من درجات حرارة قياسية وقلة التساقط المطري ‏تسببت في اتساع رقعة الجفاف والتصحر وتقلص ‏الاراضي الزراعية وتدهور الأراضي وزيادة العواصف الترابية والرملية وخسارة الموارد الطبيعية وما نتج عنها من تحديات اقتصادية أدت إلى زيادة الفقر وزيادة معدل النزوح الداخلي والهجرة الخارجية.
ان الصراع فيما يخص المياه ليس جديدا ووضع العراق كدولة مصب ليس نادرا. ولضمان التوزيع العادل للمياه نرجو ان يشمل نقاشكم فيما يخص الخسائر والاضرار الحقوق العادلة لدول المصب لضمان امنها المائي. فلا أمن غذائي دون أمن مائي.
وهنا نشير الى ما قام به اسلافنا في بلاد الرافدين حيث اوجدوا حلولا لهذه الإشكالية قبل ٤٥٠٠ سنة وذلك بعقد اول اتفاقية لتقاسم الموارد المائية عن طريق التفاوض. وها نحن اليوم نسعى لذلك على مستوى عالمي من خلال مجموعة من الاتفاقيات اخرها اتفاقية الحماية والاستخدام المستدام للمياه العابرة، والتي نعمل على اعتمادها وتفعيلها وبالسرعة الممكنة.
يأتيكم العراق متأخرا اذ لم ينتمِ لاتفاقية المناخ الا سنة ٢٠٠٩ وذلك بسبب اهمال النظام السابق للبيئة. الا اننا مصممون على المضي قدما وبخطوات متسارعة لكي نقوم بما يجب علينا.
فقد قدم العراق وثيقة مساهمته المحددة وطنيا NDC لتكون السياسة العليا الطموحة لزيادة المرونة تجاه تغير المناخ، والتي ترسم خططنا المستقبلية للتخفيف والتكيف وانجاز أهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠.
لذا سيتم إعداد تقرير البلاغ الوطني الثاني للتغيرات المناخية والتقرير المحدث لكل سنتين والخاص بجرد الانبعاثات في العراق، وهو ما يعكس التزام العراق بمشاركته العالم بالتزاماته المناخية.
‏وبناء على ذلك اتخذت الحكومة العراقية إجراءات سريعة لتنفيذ مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، ولتقليل انبعاثات الغاز المصاحب في الإنتاج النفطي وإيقاف حرقه والاستفادة منه وصولا إلى تصفير انبعاثات الغاز المصاحب في عام ٢٠٣٠، وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة من منظومة الكهرباء من خلال تعزيز كفاءتها.

‏ نحن على ثقة بأن مخرجات مؤتمر دبي للمناخ ستكون شاملة ومتوازنة ومنصفة فيما يخص التقييم العالمي، والانتقال العادل، وصندوق الخسائر والإضرار، والهدف العالمي للتكيف مستندة الى مبدأ المسؤولية المشتركة لكن المتباينة وحسب القدرات والظروف الوطنية لكل دولة وبما يحقق الانتقال العادل والمنصف نحو الطاقة النظيفة المتجددة والمستدامة وزيادة مرونة التكيف مع التغير المناخي مع مراعاة حاجة البلدان النامية في الحصول على التمويل المناخي لبناء القدرات ونقل التكنولوجيا.
وفيما يخص منطقتنا فان العراق والدول المجاورة له في الخليج على الخطوط الامامية لمجابهة اثار التغيرات المناخية. وحتى وان استطاع العالم ان ينجز اهداف اتفاق باريس ويحد من زيادة ‏معدل الحرارة إلى ما دون الدرجتين، إلا أن ارتفاع الحرارة خاصة على شواطئ الخليج سيتجاوز هذا الحد بعدة درجات.
ونحن – منذ الان – نعاني من ارتفاع درجات الحرارة، ومن العواصف الترابية، ومن شحة المياه، وكل هذه التغيرات لا تعترف بحدود الدول. كما أن دولنا تعتمد في اقتصادها على الوقود الاحفوري، وهي فئة تأخذ اتفاقية المناخ ظروفها الخاصة بنظر الاعتبار. وكل اجراء يقوم به اي منا، سواء في مجال التخفيف او مجال التكيف سيكون له أثر ايجابي يمتد الى الدول الأخرى. فلا خيار لدينا الا ان نتضافر بجهودنا كي نواجه سوية وبكل إمكانياتنا أخطار التغير المناخي.
لذا ومن هذه المنصة ندعو دول الجوار في الخليج إلى بذلِ المزيدِ من الجهودِ للسعي معاً كمجموعة تفاوضية واحدة وبموقف موحد يبين صعوبة مستقبلنا المناخي للعالم ويسعى لضمان حقوق شعوبنا، وإقامةِ تجمّعٍ إقليمي يضم الدول المتشاطئة الثمان على الخليج وهي التي ستتعرض أكثرَ من غيرها لآثار تغيرات المناخ الخطيرة.
وفي الختام، لا يفوتنا إلى أن ندين الاعتداءات المستمرة على قطاع غزة ومواطنيها ونطالب المجتمع الدولي بالوقوف أمام هذا العدوان، ونكرر موقفنا من القضية الفلسطينية بالتأكيد على أن للشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار