المحلية

امنيات دفينة .. بين آبار النفط واجندات التكتك !

حسين الذكر

(ما ينفع الركض إذا كنت على الطريق الخطأ ) .. حكمة قديمة
كم موجعة سياسة القطيع التي يتبناها الاخر نحونا .. كم مضى من الاف السنين وهو يعمل بهذه الفلسفة والاستراتيجية اللا أنسانية التي يخضعنا فيها عبر تقسيمات متعددة وتنوعات جزيئية لا تقف عند حدود تسخيف العقل وتسقيط الذات ..
( التكتك ) عربة ذات ثلاث عجلات اكتظت حد الاختناق بها المناطق الشعبية .. لا تصلح ولا تليق بالدول المتطورة اذ تعد وسيلة بدائية تتناسب مع بيئات مدقعة الفقر .. أدخلت الى العراق على حين غرة وبموافقات سياسية لم يطلع عليها الشعب ولم تناقش بشكل مستفيض ودراسة جدواها ومدى ملائمتها للواقع .. بين ليلة وضحاها وجدنا انفسنا محاصرين بضجيج هذه الالة التي دخلت بكميات مهولة اغرقت المدن وعطلت الشوارع وزادت نمط المشاكل حتى أثرت سلبا على البنية المجتمعية وطبيعة حركة المجتمع واسهمت بزيادة نسب الطيش العام وتسارع دوران عجلة الشباب ، كانها مكملة لمرحلة الكوفي شوب والبطالة و( الماطورسكلات والدلفري والوجبات الدهنية السريعة ) وتنوع سبل الانفلات … غير ذلك الكثير مما ظهر بسنوات خلت .
صحيح انها وفرت فرص عمل لألاف الشباب العاطلين وربما دخلت للعراق ومررت بعيدا عن عين الرقيب تحت هذا العنوان الفضفاض بما يتناسب مع دول مثل الهند وبنكلادش وباكستان … وليس بلدان النفط والثروات والخيرات .. وبدل ان يعمل أبناء الشعب العراقي المدججين بثرواتهم وخيراتهم الطبيعية وجذورهم الحضارية مهندسين وأطباء وموظفون اسكتوهم بالتكتك .. فيما أمنت السلطات لاولادها الوظائف المؤسساتية والقيادية والدبلوماسية والدرجات الخاصة .
كنت راكبا بإحدى ( التكاتك ) وقد بدى السائق متجهما برغم كونه شابا مهندما بشكل جميل لكنه لم يكن سعيدا .. فسالته السبب ، فقال : – ( تعبان من مشاكل الشارع وسياقة التكتك واجار البيت ومستلزمات الاسرة واجور الأطفال الدراسية والصحية .. ) .
فقلت له : ( اسمع يا ولدي هناك قاعدتين أساسية يجب ان تحفظهما عن ظهر غيب وهي حاكمة الى الابد .. بعد ان علمتني إياها الحياة وتجاربها .. ومن لم تعلمه الحياة فلا ينفع معه معلم ).. :-
الأولى : ( ان الدنيا ليست جنة وهي دار مؤقتة علينا ان نسعى بقدر ونحسن التصرف بمعزل عن النتائج التي كثير منها ليست بايدينا ) .
الثانية : ( لكل زمان دولة ورجال وهناك حظ ونصيب .. فلا تجزع مما فاتك ولا تفرح بما اتاك منها .. وذلك لا يعني قتل الطموح المشروع شريطة ان لا تتمادى حد الاستغراق بما ليس واقعي ولا يتناسب مع قدراتك وامكاناتك ) ..
بعد ان سمع كلماتي توقف عن المسير ، قائلا : ( ما اجمل كلماتك ولم يسمعني احد مثلها من قبل ، فقد شغلتني الحياة عن الفهم والاستيعاب فلا تنزل ، فما زلت بحاجة الى نصائحك ).
فقلت له يا ولدي نحن الشعب على طول التاريخ نعاني وسنبقى وفرص نجاحنا وتحقيق طموحاتنا محدودة سياسيا ومعدة سلفا .. علينا ان نعمل بجد ونكون على وعي نتوخى الخير ونصنع من فرصنا وفسحتنا وبيوتنا وأسرنا مكانا للفرح والامل والمضي قدما مهما كانت الظروف . ثم ذكرت له نص شعري حفظته من بواكير الشباب واثر بي دون ان اعرف قائله :-
( كنملة وهبت جناحا فطارت حيث لا تدري قرارا
وكانت من قبل لا تخشى البحار ولا القفارا
فاذا أدى الجناح الى ضياع ..
فلا خفق الجناح ولا استطارا ) ..

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار