المحليةتقارير وتحقيقات

اعتراضات في كردستان على اقرار مشروع قانون الاصلاح: مخيب للآمال

كوردستان/ صلاح حسن بابان

صوّت برلمان اقليم كردستان في 16 يناير الجاري على مشروع قانون اصلاح الرواتب والامتيازات بعد أكثر من عامين على العمل عليه، بغياب كتل المعارضة التي ضمت الجيل الجديد والجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي الكردستاني. والتي رفضت القانون واعتبرته “مخيباً للآمال”.

ولاقى المشروع الذي صوّت عليه 89 نائباً من مجموع 111 نائباً يضمه برلمان كردستان اعتراضاً من قبل العديد من فئات المجتمع الكردي كونه “يمهد لفساد بصيغة أخرى” في الاقليم ولايضمن حقوق وامتيازات الموظفين وعوائل الشهداء والمؤنفلين، ولم يرفع الحد الأدنى من التقاعد، ويعطي امتيازات ورواتب ضخمة لأصحاب الدرجات العليا من النواب والوزراء على حساب الدرجات الأخرى.
وعقدت جلسة التصويت على مشروع قانون الاصلاح في رواتب التقاعد والمخصصات والنفقات وبقية الامتيازات الأخرى، بحضور وزير الإقليم للشؤون البرلمانية د.فالا فريد.

ووفق بيان للبرلمان، فانه، وحسب برنامج عمل الجلسة، وبتوصية رئيس البرلمان للجنة المشتركة، والتي تشكلت من اللجان (الشؤون القانونية، والمالية والشؤون الاقتصادية، وشؤون البرلمان والدعاوى، وشؤون البيشمركة، والداخلية والأمن والمجالس المحليّة، وشؤون الأنفال والشهداء والسجناء السياسيّين) تمّ عرض التقرير المشترك والختامي للجان الست المختصة، ومن تم صياغته مجدداً، مراعياً المقترحات التي قدمت من أعضاء البرلمان والوفد الحكومي في الجلستين السابقتين.

عنوان المشروع
وبحسب البيان، كان هناك مقترحان لعنوان مشروع القرار، ثمّ تم عرضهما للتصويت، وكالآتي: (مشروع قرار الإصلاح في الرواتب والمخصصات والنفقات والامتيازات والتقاعد في إقليم كوردستان- العراق)، وتمّت المصادقة عليه بـ 86 صوت.
وفيما يخص المادة الأولى، والتي كانت تخص أهداف مشروع القرار، ثم التصويت متفرقة على المقترحات السبعة التي ضمتها المادة، أما المقترح الثاني والذي كان رأي اللجنة المشتركة، فتضمن الهدف تجسيد أسس العدالة والمستحقات في صرف الرواتب والمخصصات والنفقات والامتيازات الأخرى مع إزالة المستفيدين غير المستحقين، ومنع هدر الميزانية العامة، إضافة إلى توحيد المديريات التقاعد المختلفة، فضلاً عن الدعم المالي لصندوق المتقاعدين وتفعيله، ومنع أي نفقة من ذلك الصندوق، مع تنظيم التقاعد والمراتب العليا والمراتب الخاصة وفق مبدأ العمر وسنوات الخدمة والشهادة، وتمت مصادقة ذلك القرار بـ 99 صوت.

المادة الثانية من مشروع القرار، كانت متعلقة بتنظيم حقوق وارث الشهداء والمؤنفلين والمسجونين والمعتقلين السياسيّين وامتيازاتهم، وتم تقديم 9 مقترحات لها، وحال التصويت كل على حدا، تم أخذ رأي اللجنة المشتركة، والمصادقة عليه بـ 91 صوت.

واعتبر نواب ان خطوة برلمان الاقليم في اجراء الاصلاحات من خلال مشروع قانون الإصلاح المقدم للبرلمان بأنها بمثابة نقل “مشاكل الحكومة وبعض المسؤولين” الى داخل المجلس.
وانتقد عضو المجلس عن كتلة “حراك الجيل الجديد” سيروان بابان، القانون وأعرب عن أسفه في حديثه لـ”صباح كوردستان”: لـ”وجود أسماء كثيرة في قوائم رواتب التقاعد لأشخاص لم يداوموا ولو يوم واحد في حياتهم الوظيفية وظلوا طوال سنوات يتلقون رواتب كبيرة دون وجه حق”.
ورغم تحفظاته على العديد من بنود القانون، يقول بابان: ان “الشركات المتهمة بالفساد في الاقليم قامت بشن حملة شرسة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ضد “الجانب الايجابي” للمشروع، عازياً السبب في ذلك لـ”وجود أكثر من مليار دولار أمريكي من مديونية مترتبة لدى هذه الشركات للحكومة خوفاً من استرجاع تلك الاموال للحكومة عن طريق المشروع”.

وجهان لمشروع الاصلاح
ويرى النائب عن “حراك الجيل الجديد” ان مشروع الاصلاح الذي تم اقراره من قبل البرلمان له وجه ايجابي واخر سلبي إلا أنه لايمكن اعتباره من ضمن خطوات الاصلاح والقضاء على الفساد.

وبحسب المشروع، فان أقل راتب تقاعدي سيكون مئتان وعشرون ألف دينار عراقي لمتقاعدي قوى الامن، بالمقابل سيكون أقل راتب تقاعدي للمسؤولين ومنهم أعضاء البرلمان 15% من راتبه البرلماني أي ما يعادل مليونين ونصف تقريباً.
ويقول نواب ان المبلغ عملياً سيكون أكثر من أربعة ملايين دينار بحكم ان القانون يعطي لمن يتقدمون في العمر امتيازات أعلى.
ويحق لأي عضوٍ في حال فازَ بعضوية المجلس وهو في سن 18 عاماً مثلاً، الحصول على تقاعد بما لايقل عن مليونين ونصف بعد اكماله دورة كاملة أي عند بلغوه 22 عاماً، بحسب المشروع، بالمقابل تحصل فئة واسعة من المتقاعدين في الاقليم على رواتب تقاعدية لاتتجاوز مئتان وعشرون ألفاً بعد خدمة وظيفية لأكثر من 30 سنة ومنهم متقاعدو قوى الامن “الآسايش”.
أما المادة الثالثة من مشروع قانون الاصلاح فخصت بإنهاء وجود المستفيدين من الميزانية العامة لأكثر من مرة، وكان هناك خمسة مقترحات للتعامل مع الفقرة، وتم عرضها للتصويت، وتمت مصادقة المقترح الثاني للجنة المشتركة بـ 94 صوت.

وخصت المادة الرابعة للقانون بالبيشمركة وقوات الأمن والشرطة الداخلية، إذ تم تخصيص سبعة مقترحات لها، وبعد التصويت المنفرد على كل مقترح تمت المصاقة بـ 85 صوت كما كانت في التقرير السابق للجنة المشتركة.
اما المادة الخامسة فكانت معنية بالمخصصات وتنظيمها بشكل عادل وفق القوانين المعمولة، إذ كان هناك سبعة مقترحات، وبعد التصويت عليها، تمت المصادقة على المقترح الثاني بـ 84 صوت، وكان المقترح رأي اللجنة المشتركة.

كما وان المادة السادسة كانت متعلقة بتنظيم الخدمة ومتابعة تنظيم الرتب والعناوين والراتب الوظيفي لجميع أصحاب الرواتب حسب القوانين والمعايير المعمولة. إذ تم تقديم ثلاثة مقترحات لها، وبعد عرضها للتصويت منفردة، تمت المصادقة عليها كما كانت في تقرير اللجنة المشتركة بـ83 صوت.

توحيد تقاعد الرئاسات الثلاث
وفيما يخص المادة السابعة من مشروع القرار، والتي كانت متعلقةً بأمور التقاعد في توحيد أنظمة التقاعد لـ(رئيس الإقليم، ورئيس البرلمان، ورئيس مجلس الوزراء ونوابهما، وأعضاء البرلمان، والوزراء ومن هم في مرتبتهم، ووكلاء الوزراء، وذوو المراتب الخاصة، والمدراء العامين، ورؤساء مجلس المحافظات وأعضاؤها، وجميع من كان راتبه ومخصصاته كالدرجة (أ) و (ب)، سواء أكان على ملاك السلك المدني أو العسكري أو قوات الأمن الداخلية، وتم تقديم خمسة مقترحات، وبعد التصويت كل على حدا، تم قبول المقترح الثاني، والذي كان رأي اللجنة المشتركة، وتمت المصادقة على القرار بـ (84) صوت.

والمادة الثامنة والتي كات متعلقة بتعديل المادة 12 في قانون وزارة المالية والاقتصاد، رقم (5) عام 2010، تم فيها تقديم مقترحين، وبعد التصويت كل على كل مقترح، تمت مصادقة المقترح الثاني بـ 84 صوت، والذي كان رأي اللجنة المشتركة.

وفيما يخص المادة التاسعة، والتي كانت متعلقة بحل التقاعد بمرتبة الوزير ووكيل الوزارة والمستشار والمدراء العامّين، وأي مرتبة خاصة لأولئك البيشمركة الذين كانوا في الحركة التحرّرية الكردستانية قبل 5/3/ 1991 كتقدير لهم، فقد كانت هناك خمسة مقترحات، وبعد التصويت بشكل منفرد، تمت مصادقة القرار كما كان في تقرير اللجنة المشتركة بـ 80 صوت.

وفيما يتعلق بالمادة العاشرة من مشروع القرار فقد كانت متعلقة بتصحيح رواتب المتقاعدين وجميع الأشخاص الذين أحيلوا إلى التقاعد بشكل غير قانوني، أو أحيلوا إلى التقاعد بمرتبة أعلى من درجتهم الوظيفية، أو أحيلوا إلى التقاعد على أسس عدّ سنوات الخدمة التقاعدية بشكل غير قانوني، وكان هناك مقترحين، وبعد التصويت عليهما بشكل منفرد، تمّت مصادقة الرأي الثاني بـ 76 صوت، والذي كان رأي اللجنة المشتركة.

وفيما يخص المواد (11، 12، 13، 14، 15، 16، 17، 18، 19) من مشروع القرار، فقد كانت متعلقة بالأحكام النهائية، وبعد ما عرضت جميع المقترحات وقراءتهما، تمّت مصادقة تلك المواد بأغلبية أصوات أعضاء البرلمان.

وفيما يخصّ أسباب صدورالقرار، فقد تم تقديم مقترحين له، وبعد عرضهما للتصويت بشكل منفرد، تم قبول رأي اللجنة المشتركة، وتم صياغة القرار كالآتي صدر القانون: (بقصد تنظيم المجال الوظيفي العام والتقاعد في جميع المجالات المدنية والبيشمركة وقوات الأمن الداخلي، إضافة إلى تخصيص الرعاية الاجتماعية، وتحقيق العدالة والمساواة في صرف الرواتب والمخصصات والنفقات والامتيازات المالية العامة، مع منع الاستفادة بصورة غير مشروعة وغير قانونيّ في تخصيص الميزانية العامّة). وفي النهاية، تمت المصادقة عليها بـ(89) صوت.

تخفيض تقاعد المسؤولين من 70% الى 15%
اعتبر نواب من حركة التغيير ان ما قام به البرلمان من اقرار مشروع قانون الاصلاح يعتبر خطوة ايجابية نحو اجراء الاصلاحات والقضاء على الفساد، وهو ما فشلت الدورات السابقة للمجلس ومنذ عام 1992 في تحقيقه باقرار قانون يساهم في القضاء على الفساد.
وتقول النائب عن حركة التغيير في برلمان كردستان شيرين أمين، في حديث لـ”صباح كوردستان” ان “أهم فقرة في هذا المشروع هو تخفيض رواتب الدرجات الوظيفية العليا وتثبيتها بـ15% فقط بعد أن كانت 70% في السابق”. معتبرةً ذلك انجاز كبير للبرلمان.

وسيساهم المشروع في ازالة مائة الف من الأسماء الوهمية في قوائم رواتب التقاعد في كردستان لاسيما في السلك العسكري، بحسب شيرين، اضافةً الى وجود صندوق موحد للتقاعد يضم جميع الفئات دون أي استثناء أو تفرقة كما كان في الماضي.

وتظاهر العشرات من السجناء السياسيين وعوائل الشهداء والمونفلين في الاقليم خلال الأيام الماضية ضد ما وصفوه بتهميشهم والظلم الذي طالهم في مشروع قانون الاصلاح في الرواتب، معلنين رفضهم لمنح الدرجات الوظيفية العليا من الوزراء والنواب رواتب تقاعدية ضخمة تتجاوز الأربعة ملايين دينار عراقي.

وانهالت الانتقادات على القانون في وسائل التواصل الاجتماعي، ونال نواب حركة التغيير مع نواب الحزبين الكبيرين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الجانب الأكبر من النقد.

وعلق ناشطون على قرار القانون بأنه تشريع للفساد الذي حصل في العقدين الماضيين، متسائلين كيف يكون القانون اصلاحياً اذا ضمن النواب بعد أربع أو ثمان سنوات خدمة راتباً تقاعدياً يبلغ أكثر من أربعة ملايين دينار، فيما لم يضمن رفع الحد الأدنى للتقاعد الى 400 ألف دينار أو حتى 300 ألف دينار لموظفين خدموا أكثر من 25 عاماً في الدولة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار