الاقتصادية

التضخم .. وارتفاع اسعار النفط والذهب والعلاقة بينهم

اصبح التوتر في الشرق الأوسط بمثابة التفسير الأهم – فضلا عن الحروب التي تسبب قطع الإمدادات – لتحركات أسعار النفط منذ زمن طويل. وهذا ليس تفسيرًا سيئًا للقفزة التي شهدتها أسعار النفط يوم أمس والتي شهدت ارتفاع سعر خام برنت إلى أكثر من 90 دولارًا للبرميل ومع ذلك، فان النفط ليس هو السلعة الوحيدة التي ترتفع أسعارها ، ولكن للذهب نصيب من الارتفاع وهو قياسي بالمقارنة مع الفترة السابقة بالإضافة إلى بقية السلع “العادية” وغير النقدية والتي بدأت في الارتفاع أيضًا، ولا سيما النحاس.
هناك مزيج من العوامل التي سببت هذا الارتفاع عالميا هناك التوتر الجيوسياسي المذكور أعلاه وآخرها كان استمرار الحرب على غزه . والأهم من ذلك، أن هناك علامات أولية على التعافي في قطاع التصنيع العالمي، وإذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن يرتفع الطلب على المواد الخام، وربما بقوة أكبر وأسرع مما يتوقع أي شخص حاليًا.
وفي الوقت نفسه، وفيما يتعلق بالنفط الخام مرة أخرى، تحاول منظمة أوبك + النفطية الحفاظ على غطاء الإنتاج من أجل دعم الأسعار. وقد حققت المنظمة نجاحًا متباينًا على هذه الجبهة في الماضي، ولكن إذا قمنا بالجمع بين قلة المعروض وانتعاش مفاجئ في الطلب، فإن الأسعار المرتفعة تبدو منطقية وربما تصل 100$ خلال الربع الثالث من العام الجاري اتساقا مع النمو لقطاع التصنيع في العالم .
والمشكلة الواضحة في ارتفاع أسعار النفط هي أنه يؤدي إلى ارتفاع التكاليف التي يتحملها الجميع، وبالتالي يغذي التضخم على نطاق أوسع وخصوصا التضخم المستورد الذي سوف يرتفع خلال نفس المدة المذكورة آنفا .
وبصرف النظر عن حقيقة مفادها أن البنوك المركزية وعبر سياستها النقدية تكون ضعيفة نسبيا (بشكل مباشر) في كبح التضخم الناجم عن الطاقة ، حيث أن أسعار النفط و(مشتقاته) المرتفعة تشكل في واقع الأمر قوة ركود من خلال الضغط على دخول المستهلكين ، إلا انها لا تستطيع أن تتجاهل ذلك أيضاً.
اذ إن الزيادة الأخيرة في أسعار النفط يمكن أن تغير كل شيء إذا استمرت. وإنها ذات مخاطر منخفضة في الوقت الحالي، لكنها قد تبقي البنوك المركزية في حالة ترقب لمدة أطول من اللازم في حال تفاقم الوضع .
ولا ينبغي أن يشكل ارتفاع اسعار النفط ( بالنسبة للدول المستوردة وبعض الدول النفطية الاخذة بمسار التنويع الأقتصادي) لمدة أطول كارثة إذا كان ناجماً عن زيادة النمو الاقتصادي (تحريك القوة الاقتصادية العالمية) أكثر من انقطاع الإمدادات بسبب الصراعات او الحروب .
لكن إذا كنا سنعيش في عالم أكثر عرضة للتضخم فمن المحتمل أن يكون منطقيا أن يكون هناك تنويع في (المحفظة الاستثمارية) .
وهذا السبب ( تنويع المحفظة ) الرئيس في ارتفاع سعر الذهب فضلا عن سبب آخر هو – أقدم الأسباب على الإطلاق – الشعور بأن السياسة النقدية لن تكون صارمة بما يكفي لكبح جماح التضخم على المدى الطويل، ونتيجة لذلك، قد يكون من المنطقي الاحتفاظ بشيء له قيمة. وهذا ما سبب ارتفاع اسعار الذهب في الاونة الأخيرة بشكل قياسي ، محافظا على قيمته مساويه للقيمة الحقيقية.

اما في العراق فان ارتفاع اسعار الذهب هو نتيجة حتمية في ظل الأوضاع غير المستقرة عالميا والتي تنعكس على العراق بشكل مباشر فضلا عن التخبط في السياسات الاقتصادية للبلاد التي أدت بارتفاع الطلب على الذهب كملاذ آمن خصوصا للمضاربين والتخوف من تغيير سعر الدولار ( نزولا ) في الفترة المقبلة.
لكن بكل الأحوال فان التضخم سينعكس بصورة سلبية (ارتفاعا) على واقع السلع والخدمات بكافة أنواعها عدا تلك السلع الأساسية التي تدعمها الحكومة عن طريق البطاقة التموينية .
تحياتي / علي دعدوش

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار