مقالات

الامريكيون حين يبصرون ..

ا.د.ضياء واجد المهندس

سجل رائد الفضاء الشهير نيل أرمسترونغ في دفتر مذكراته، لحظة هبوطه على سطح القمر لأول مرة في يوم 20 تموز 1969 :
أنا إنسان واقعي ، ولا أمتلك شخصية حساسة، عندما تركت منزل والدي لم أبك ،عندما توفي والدي لم أبك ،
وعندما وجدت عملاً في وكالة ناسا الفضائية ، لم أبك ، وعندما وضعت رجلي على سطح القمر لأول مرة لم أبك …لكن حينما نظرت من هناك إلى الكرة الأرضية ، خنقتني العبرة و انتابني الحزن والغم ،ثم أجهشت بالبكاء وترددت في تعليق العلم الذي كنت أحمله ؛ وغرسه على وجه القمر .
أتعرفون السبب ؟!
حينما نظرت للأرض ، من تلك الفاصلة الصغيرة ، وأنا على وجه القمر ، رأيتها كرة زرقاء كنقطة صغيرة بلا لون بلا حدود بلا قوميات بلا جنسيات ..
بكيت … وقلت في نفسي على ماذا نتحارب نحن البشر ونقضي على بعضنا البعض ؟! .. وضعت إصبعي الإبهام أمام الأرض ورأيت بأنه غطاها بالكامل !
كنت أبكي بحرقة على كل هذا الجهل، والعمى والتعصب الذي غرقنا فيه …
تذكرت هذه الاسطر من مذكرات رائد الفضاء الامريكي، وانا اتفحص تاريخ الحقد الاسود لمستشار الامن القومي المقال جون بولتن و كراهيته المقيتة للعرب و المسلمين ، حتى ان كثير من الصحفيين الامريكيين يعتبرونه رجل اسرائيل في البيت الابيض..و بالرغم من اشغاله نائب المدعي العام ، و المندوب الامريكي في مجلس الامن و عمله الطويل في استشارية الامن القومي في حكومات الجمهوريين ،الا انه غير محبوب في الاوساط السياسية الامريكية من الجمهوريين و الديمقراطيين ، البعض يعزي عدم الارتياح له الى شواربه الغريبة كما قال ترامب ، و التي تشبه الرجل الكارتوني في المسلسل ( الغواصة الزرقاء ) كما ذكره السيد حسن نصر الله في احد خطاباته ..
عندما هاجم الاسرائيليون جنوب لبنان في تموز ٢٠٠٦ ،كان جون بولتن وقتها المندوب الامريكي في مجلس الامن يصر على عدم وقف اطلاق النار حتى لو احتلت اسرائيل لبنان للقضاء على حزب الله ،و لكن بعد القتال الاسطوري لمقاتلي حزب الله ، فان جون بولتن ضغط على الجميع لوقف اطلاق النار ..و لجون بولتن الدور الرئيسي في الحرب على العراق و ليبيا و سوريا و اليمن ، لكن سوء تقديراته و تطرف خارطة الطريق الذي اقترحها لترامب ،جعلت من ترامب يقيله من المستشارية ..
لبولتن افكار متطرفة في التواجد العسكري الكثيف في العراق و سوريا ، و ضرب ايران و منشائتها النووية و الصناعية و البنى التحتية و تدمير مواقع تمركز حزب الله في لبنان ، بالاضافة الى تغيير نظام كوريا الشمالية ، و توسيع الحصار التجاري على الصين ..
هل يستفيق بولتن من كابوسه و يتخلص من احقاده ضد الفلسطينين و العرب و المسلمين ، و يعرف ان حقده و كراهيته ستقتله ان لم يبصر حقيقة الكون و الخلق و التعايش ..
قد يتوهم البعض ان اقالة بولتن هي نهاية لمشروع القرن، و للمخطط الامريكي الاسرائيلي في اعادة ترسيم خارطة المنطقة ، لكن الاسرائيلين لن يتوقفوا عن ضرب مستودعاتنا و معسكراتنا و قيادات عراقية في الحشد ،بعد ان ساهم بولتن في التمهيد و الاعداد لعمليات ( اطلقوا كلاب الصيد ) ، و قدم الامريكان فيها معلومات استخبارية و تسهيلات فنية في ضرب العراق ولبنان وسوريا ..
اللهم احفظنا من ظلم الظالمين
و اعف عنا وارحمنا يا ارحم الراحمين.
ا.د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار