الأغنياء لايدفعون بسهولة

بقلم هادي جلو مرعي:
بعد أن إنتهينا من رحلتنا الى سامراء، وكنا في ضيافة مجموعة من زملاء الدراسة حيث استقبلنا السوامرة بإطلاق العيارات النارية والكلمات الطيبة والضيافة العربية، عدنا الى بغداد، والى مقاعد الدراسة، وفي الأيام التالية جاء عماد يوسف بالصور التذكارية، ووزعها بيننا، وطلب أثمانها، لكني كنت أتجاهل وأطلب تأجيل الدفع حتى مل مني، وقال للطلاب في باحة الكلية: الأغنياء لايدفعون بسهولة، فضحكت في سري لأنني كنت أستدين أجرة السيارة في اليوم الذي لايكون صديقي في قسم التاريخ، وهو يملك سيارة برفقتي، فيوم عطلته كان السبت، وكانت عطلتي الخميس.
من مدة كانت طفلة تتلوى من الألم، وكانت بحاجة الى عملية عاجلة، ولم يستجب اغنياء للنداء لأنهم لايدفعون بسهولة، وفي اليوم التالي جاءني صديق مهتم بالصحافة، وكان لايملك مالا، وتحدثت له بقصة الطفلة، وطلب مني أجرة السيارة ليذهب الى أحد المؤمنين. وبالفعل فقد عاد بعد ساعة، ومعه نصف مبلغ العملية الذي لاأتذكر كيف أكملت الباقي منه، وقد أجريت العملية بالفعل، وشفيت تلك الطفلة.
من أيام مررت بصديقي، وهو يملك محلا للتصوير، وكان عنده أشخاص يفاوضونه على مبلغ تصوير حفلة، وكان بينهم شاب يرتدي بذلة خمنت ثمنها بكم ألف دولار، وكانت شفتا صاحب المحل متيبستين بسبب صعوبة المفاوضات حيث سلمه الرجل ربع المبلغ الذي كانا إتفقا عليه، وحين خرجوا قال لي صاحب محل التصوير: اتدري من هذا؟ قلت لا، ولكنه بالتأكيد ليس من أنبياء الله، وحتما هو من أثرياء العهد الجديد، ولكن تذكر ياصديقي إن الأغنياء لايدفعون بسهولة.
في النهاية فالناس مسلطون على أموالهم، ولاسلطة لأحد عليهم إلا بمقدار المروءة، وقد جاء في المثل الشعبي: شلك على إبن الناس غير مروته.. أي ليس لك حق على بشر إلا بمروءته.