الثقافية

زوجة شهيد

* رغد الزبيدي

زوجة شهيد.

بقلم / رغد الزبيدي

كل ليلة تقلب زوايا ذاكرتها بحثا عن خيوط حكاية قديمة لتحيكها قميصا يقي روحها من برد الأيام. تبحث جاهدة عن جذوة أمل أو شرارة تحرق بها أكوام من حطب الأمنيات الضائعة. في كل ليلة تطرز على جفنيها صورة متهالكة لذلك الذي منحها الأمل ذات يوم واقسم أن يكون معها ذات صيف أو ربما ذات شتاء أو أنها توهمت ربما وعدها أن يكون معها ذات ربيع أو خريف أو ربما ذات زمن بلا زمن. .لازالت مفرداته نديه على اسماعها. .ذات يوم سأطوقك بطوق الياسمين وسأصنع لك من نجوم السماء عقدا فريدا ومن خيوط الشمس اقراطا ومن بريق القمر سوار. .ويمضي بها الحلم كل ليلة لتستيقظ على منبه يعلمها أن وقت الحلم ولى وحانت ساعة الحقيقة. .تحمل حقيبتها المثقلة بجهد سنين وتتجه إلى عملها وهي ترسم ذات الابتسامة المحنطة وكأنها ترتدي ذات القناع كل صباح ومساء. تنظر إلى ساعتها لترى كم مر من عمر الانتظار وكم بقي من ساعات الأمل. تقلب جوالها لعل اتصال ما أو رسالة ما أو حرف لم يقصد ارساله ولكنه فر كطير مهاجر. أصبحت عينيها كزجاج النوافذ تبصر منه ولا تبصر خلاله ويمر يومها كما مر امسها وأول امسها وآخر اسبوعها وآخر سنتها. .هكذا تتسرب أيامها من بين يديها كتسرب ماء يصعب عليك أن تمسكه بين اناملك. .تعود لتلقي بهموم عملها ويومها بين يدي ذكرى تخاطبها بشغف تحكي لها كل التفاصيل صغيرها وكبيرها. مرها وحلوها. إنه وان كان بعيدا فهو يشاطرها كل شيء أصبح لها كظلها الذي ليس بحاجة لشمس ليرافقها. .
لن يعود…أعلم ذلك فمن تحتضن الأرض جسده لن تسمح له بالحرية مره اخرى.
لن يعود. .أعلم ذلك ولكن روحه نبتت وردة تفوح بعطرها لتملأ زوايا نفسها. .وأصبحت حلما يطرز مخيلتها وحقيقة تضمها بين اضلعها. .
لن يعود. .ولكني يوما ما ساسافر لارضه. .لتحتضن جسدي لتضمني بذات القوة التي ضمته ولاخبره واهمس له اني مااستبدلتك برجال الأرض لأنك عندي كل رجال الأرض
أعلم انك لن تعود جسدا ولكنك تعود لي روحا تضم روحي كل حين .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار