الثقافية

رفيقة الليالي الوحيدة

رباب طلال مدلول

وما النجوم إلا أنوارُ روحٍ
تضيء السماء وتؤنس القلوب

أود أن أشكر النجوم، لأنها وحدها من كانت تؤنس لياليَّ الوحيدة، كانت دائمًا هناك، بلا غياب، بلا خيانة، وبلا وعود فارغة، كانت تنصت لي بصمتها العميق، لم تكن تحتاج إلى كلمات لتفهمني، كانت تفهمني من خلال ضوئها الباهت الذي يلمع في السماء، وكأنها تقول لي: “أنا هنا، لا تخافي، لستِ وحدكِ”
كانت دائمًا حاضرة لأجل الوحيدين أمثالي، نحن الوحيدين الذين لا يرافقنا أحد، نحن الذين اكتفينا بالنجوم رفيقة، نحن الذين وجدنا في هذا الكون الواسع عزاءً وسكينة في تلك النقاط المضيئة في السماء، عندما يغيب الجميع وتخفت أصوات الحياة من حولنا، كانت النجوم تظل متلألئة، ثابتة، تذكّرنا بأننا لسنا وحدنا تمامًا، بل هناك من يضيء لنا الطريق حتى في أحلك لحظاتنا، كانت النجوم الرفيقة التي لم تخذلنا ولم تغادرنا أبدًا،نحن الوحيدين، الذين يجدون في النجوم ملاذًا من كل هذا الصخب، من كل هذا الزيف، النجوم لم تخدعني أبدًا، لم تعطِني وعودًا كاذبة، ولم تجرحني كما فعل الناس، أحببتها لأنها كانت صادقة معي، بلا أقنعة، بلا مصالح، بلا نفاق، كانت فقط موجودة، موجودة لأجلي، ولأجل كل من يشعر بالوحدة في هذا العالم الواسع،أحيانًا أفكر في أصدقائي، أولئك الذين ظننت أنهم سيكونون إلى جانبي في كل لحظة، ولكنهم خذلوني، أين هم الآن؟، اكتفيت بالنجوم، اكتفيت بهذا الصمت المليء بالمعاني، بهذه الأنوار البعيدة،أحببت النجوم لأنها لم تتركني عندما تركني الجميع، أحببتها لأنها لم تسخر من مشاعري ولم تقلل من قيمتها، ولم تستخف بقلبي الضعيف الذي كان يبحث عن الأمان في عالمٍ لا يعرف معنى الأمان، لم تسألني عن السبب، لم تطلب مني شيئًا، فقط كانت هناك، تنتظرني كل ليلة، تضيء لي طريقي وتشارك معي لحظات صمتي،أين يمكن أن أجد من يشبه النجوم؟ من يضيء عتمة روحي ويرشدني في الظلام؟ من يكون حاضرًا دائمًا، لا يمل من صمتي، لا يخاف من ضعفي، لا يهجرني في أشد لحظات حاجتي إليه؟ من يرافقني في الليالي الباردة، ويستمع لي دون أن يطلب شيئًا في المقابل؟
ربما لن أجد أحدًا يشبه النجوم، لكنني أستمر في البحث، أستمر في التطلع إلى السماء، ربما في يوم من الأيام سأجد ذلك الشخص الذي يكون لي كما كانت النجوم، رفيقًا دائمًا، لا يغادر، لا يخيب ظني، لا يخذلني، حتى ذلك الحين، سأبقى شاكرة للنجوم، لأنها كانت وما زالت هناك من أجلي، لأنني أدركت أخيرًا أنها كانت الرفيق الوحيد الذي لم يغادرني يومًا.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار