المحلية

غدير الأسعار

مروة الخفاجي
تحضر حكمة الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب “حرّي بالرجل قائلاً فاعلاً” في أثناء فرحتنا بإقرار “بيعة الغدير” عيداً وطنياً في الدستور العراقي، يَجُبُّ ما قبله بأثر رجعي، ويفتح باباً على المستقبل، اقتداءً بسيرة الإمام علي (عليه السلام)، ما يوجب ترسم خطواته والتزام حكمته في شؤون الدنيا والآخرة.
أصحاب القرار، من مسؤولين، من ضمنهم الذين أفلحوا بتحقيق منجز الغدير عيداً، هل يتمثلون بنزاهة الإمام علي (عليه السلام)، متحسسين جوع الفقير الذي لا يجد مغيثاً يسدّ فاقته، ويشعرون بألم المريض الذي يبيع الكلية كي يعالج السكر في مستشفيات أهلية باهظة التكاليف نتيجة شهوة المال التي لم ترتوِ لدى قطاع واسع من المنظومة الطبية، بعد أن سدّت مستشفيات الحكومة أبوابها مقتصرة على الفلاونزا و… لا إله إلا الله.
لخص الشاعر مظفر النواب، حالنا في قصيدة “الوتريات”:
لعلي يتوضأ بالسيف قبيل الصبح..
أنبيك علياً ما زلنا نتوضأ بالفرقة
ونمسح بالذلة حدّ السيف
لو جئت اليوم لحاربك الداعون إليك…
وفعلاً الفاسدون.. آكلو السحت الحرام، أعداء عليّ في كل زمان ومكان…
هذا اليوم العظيم يمثل فرحاً إيمانياً، صفق له الشعب والنواب ومعظم السياسيين؛ من دون أن يقتدون بمن نحتفل بيوم تنصيبه ولياً لله على المؤمنين، ساهراً ليله يطرق أبواب الفقراء والأيتام، أين أنتم ممن تداعون له بإقرار خلافة هو نفسه زاهد بها.
توِّج الإمام عليّ بدعاء الرسول (صلى الله عليه وآله): اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه، يوم 18 ذي الحجة 10 هجرية، 15 آذار 632 ميلادية، فهل كان سيتواطأ مع الفاسدين!؟ أم يشق حفرة مثل تلك التي أحرق فيها عبد الله بن سبأ وأتباعه العلي إلهيين، ويشعل عليهم غازاً مستورداً من إيران بعشرة أضعاف سعره، من دون حاجة فعلية للاستيراد (وهذا ليس موضوعنا الآن.. له مقال آخر).
فاتح باب خيبر، عدو المستغلين، إماماً بالحق للمؤمنين؛ يعلم أن الداعين إليه أعداؤه بما يفعلون، يرافعون أسعار السوق الى درجات فظيعة الغلاء، تسحق الفقير وتزيد ثراء المرائين بحب آل محمد.
أسعار الدواء والغذاء تلتهب، وسلم الرواتب ساكن يتجمد.. ثلجاً يضخه المنتفعون، ساسة وسادة وساديون.
صار المواطن يسأل عن سعر الدواء قبل شرائه؛ لأن أغلب المرضى لا يمتلكون ثمن علاج في صيدلية متواطئة مع الطبيب، وهو شأن يشمل الحاجات الأساسية في حياة الناس.
فهل ستظلون ترددون: “اللهم من كنت مولاه فعَليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه” وأنتم لستم من موالي عليّ؛ ولا فخر لكم بالمراءاة الاستعراضية عندما كسبتم عطلة رسمية وفق قانون المزايدات التي تذر رماد الباطل في عين الحق!؟
كي ترضون أبا الحسنين؛ كفّو الفساد واتركوا المعامل تشتغل والمزارع تثمر؛ وأوقفوا رعاف ريع النفط، يصب في حساباتكم الشخصية والفئوية، ودول ولائية نجحت في احتلال العراق عقب 9 نيسان 2003 بعد عن خسئت عن اجتياحه في الثمانينيات.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار