العراق بعد 2003 مكاسب ديمقراطية وإنجازات أمنية وسط تحديات مستمرة

*الحقوقية انوار داود الخفاجي*
منذ الاحتلال الأمريكي للعراق في 19 مارس 2003، مر العراق بتغيرات جذرية في مختلف المجالات. وبينما كانت هناك تحديات كبرى وأزمات متعددة، إلا أن العراق شهد أيضًا تطورات إيجابية في بعض الجوانب، لا سيما في السياسة، الاقتصاد، الحريات العامة، والتعاون الدولي. هذه التغيرات قد لا تكون بالوتيرة المتوقعة، لكنها تشكل خطوات نحو بناء عراق جديد.
من أبرز التغيرات الإيجابية في العراق منذ 2003 هو الانتقال من الحكم الدكتاتوري إلى نظام ديمقراطي برلماني. أصبح للعراقيين الحق في اختيار ممثليهم من خلال انتخابات دورية، وشارك العديد من الأحزاب السياسية في العملية الديمقراطية. رغم التحديات المرتبطة بالمحاصصة الطائفية والفساد، فإن العراق نجح في تأسيس آلية تداول سلمي للسلطة، مما ساعد في الحفاظ على الاستقرار السياسي النسبي.
بعد عام 2003، شهد العراق تطورًا ملحوظًا في حرية التعبير مقارنة بالفترة التي سبقت الغزو. ظهرت مئات القنوات التلفزيونية، الصحف، والمواقع الإخبارية التي تعبر عن توجهات سياسية واجتماعية مختلفة. كما أصبح للمواطنين حق التظاهر والمطالبة بالإصلاحات، وهو ما برز بقوة خلال احتجاجات 2019 التي أدت إلى تغييرات سياسية كبيرة.
قبل 2003، كان العراق معزولًا إلى حد كبير بسبب العقوبات الدولية، لكن بعد سقوط النظام السابق، تمكن العراق من إعادة بناء علاقاته الخارجية والانضمام إلى المنظمات الإقليمية والدولية بفاعلية أكبر. وساهم هذا الانفتاح في تعزيز التعاون الاقتصادي والدبلوماسي مع دول مثل الولايات المتحدة، الصين، تركيا، وإيران، مما وفر فرصًا للتنمية والاستثمار.
رغم الأزمات الاقتصادية التي مر بها العراق، إلا أن قطاع النفط شهد تطورًا كبيرًا، حيث زادت الصادرات النفطية لتصبح المصدر الرئيسي لعائدات الدولة. تمكن العراق من توقيع عقود نفطية مع شركات عالمية، مما عزز إنتاجه وجعله أحد أكبر مصدري النفط في العالم. كما بدأت الحكومة في تنفيذ مشاريع لتحسين البنية التحتية، مثل الطرق والجسور والسكن والصحة.
من أكبر النجاحات التي حققها العراق هو استعادة السيطرة على أراضيه بعد احتلال داعش لمساحات واسعة عام 2014. بدعم من التحالف الدولي والقوات المحلية، تمكن العراق من تحرير المدن التي كانت تحت سيطرة التنظيم بحلول عام 2017. ورغم استمرار بعض التحديات الأمنية، إلا أن الوضع أصبح أكثر استقرارًا مقارنة بالسنوات السابقة.
بعد سنوات من الإهمال، بدأت الحكومات المتعاقبة في تنفيذ مشاريع لتحسين الخدمات العامة. كما شهد قطاع التعليم بعض التحسن، حيث تم افتتاح جامعات جديدة وتحسين المناهج الدراسية، مما وفر فرصًا أفضل للشباب العراقي.
وفي الختام على الرغم من التحديات التي واجهها العراق منذ 2003، إلا أن هناك جوانب إيجابية لا يمكن إنكارها. فقد أصبح للعراقيين مساحة أوسع للمشاركة في الحياة السياسية، وتحققت مكاسب في مجالات الأمن، الاقتصاد، والبنية التحتية. ومع استمرار العمل على الإصلاحات ومحاربة الفساد، يمكن للعراق أن يبني مستقبلًا أكثر استقرارًا وازدهارًا.