المقالاتعلم وتكنولوجياكتُـاب وكالة أرض آشورمنوعات

كيف أعادت الرقمنة تشكيل زمن وصول المعلومة للمتلقي.. “الإعلام الإلكتروني” انموذج

رئيس التحرير
محمد فاضل الخفاجي :

أحدثت الرقمنة ثورة لا مثيل لها في المشهد الإعلامي، معيدةً تشكيل بنية وصول المعلومة إلى المتلقي بالكامل. لم يعد الأمر مجرد تحويل للبيانات من شكل تقليدي إلى رقمي، بل أصبح عملية تسريع هائلة كسرت الحواجز الجغرافية والزمنية التي كانت تحكم الإعلام التقليدي. إن الإعلام الإلكتروني هو النموذج الأبرز الذي يجسد هذه القفزة، ناقلاً عملية الاتصال الجماهيري من بطء “الانتظار” إلى فورية “التلقي اللحظي”.

كان الإعلام التقليدي (الصحافة المطبوعة، الإذاعة، التلفزيون) مقيدًا بـ دورة زمنية محددة للإنتاج والتوزيع. كانت الصحيفة تحتاج إلى ساعات للطباعة والنقل، والنشرة الإخبارية تنتظر موعدًا ثابتًا. في المقابل، جعلت الرقمنة المعلومة سلعة متدفقة باستمرار لا تخضع لأي دورة زمنية.
يستطيع المراسل في أي بقعة من العالم بث حدث ما مباشرة عبر منصة إلكترونية فور وقوعه، ويتمكن المتلقي في الطرف الآخر من العالم من مشاهدته أو قراءته في ذات اللحظة. هذا الوصول الفوري هو السمة المميزة لعصرنا، حيث أصبح زمن وصول المعلومة يقاس بـ النقرات أو التحديثات، لا بـ الانتظار حتى صباح اليوم التالي أو مساء الليلة.
من المتلقي السلبي إلى المستهلك النشط
غيرت الرقمنة من دور المتلقي جذريًا. في الإعلام التقليدي، كان المتلقي يقع في نهاية سلسلة طويلة من الإنتاج، يستهلك ما يُقدم له بشكل سلبي. أما في الإعلام الإلكتروني، أصبح المتلقي مستهلكاً نشطاً ومشاركاً في عملية النشر.
لقد تقلص زمن الوصول ليس فقط في اتجاه واحد (من المصدر إلى المتلقي)، بل أصبح ثنائي الاتجاه. يستطيع المتلقي التعليق فورًا، مشاركة الخبر، ونقله إلى شبكته الخاصة، ليتحول هو نفسه إلى مصدر أو ناقل للمعلومة. هذا التفاعل يضمن أن المعلومة التي تصل إليه لا تظل مجرد “خبر” وحسب، بل تصبح جزءًا من حوار مستمر يجددها ويثريها لحظة بلحظة.

لا يمكن إغفال أن هذه السرعة الفائقة في وصول المعلومة، رغم أهميتها، تأتي مصحوبة بتحديات تتعلق بالجودة والتحقق. ففي سباق “من يسبق؟” الذي يميز الإعلام الإلكتروني، قد يتم التضحية أحيانًا بـ تدقيق المعلومة من أجل فورية النشر. أصبح المتلقي اليوم يتلقى سيلًا جارفًا من الأخبار في وقت قياسي، ما يتطلب منه تطوير مهارات جديدة للفرز والتحقق للتمييز بين الخبر الصحيح والمضلل أو “الزائف”.

في الختام، لقد نجح الإعلام الإلكتروني، المدعوم بالرقمنة، في اختزال المسافة الزمنية بين وقوع الحدث ومعرفته إلى حدها الأدنى.

الكاتب
محمد فاضل الخفاجي
١٦/ تشرين الأول ٢٠٢٥
=======================

خارج النص
———
لم يعد زمن وصول المعلومة عاملًا يعيق المعرفة أو يتسبب في تأخر اتخاذ القرار، بل أصبح محفزًا للفورية والمشاركة، ومؤشرًا على قوة التكنولوجيا في تحويل عالمنا إلى قرية رقمية مترابطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار