الأخبارالثقافيةالفنلقاء وحوارلقاءات وحوارات

لقاء مع حسين السياب: فضاءات التأمل في بناء النص الشعري |

حاورته : دنيا صاحب العراق..

يُعتبر الشاعر العراقي حسين السياب من أجمل الأصوات المعاصرة في قصيدة النثر، حيث يحوّل اللحظات العابرة إلى فضاءات تأملية ومعانٍ عميقة يجمع في شعره بين الوضوح والرمزية، ليخلق جسراً للتواصل الإنساني ويمنح القارئ تجربة فكرية وجمالية متكاملة.
انطلقت كتاباته بسن مبكرة، ويواصل اليوم تطوير مشروعه الشعري الذي يسعى من خلاله إلى إعادة صياغة الصور التقليدية بأسلوبه الجمالي الأدبي الفريد.

وُلد الشاعر حسين السياب في بغداد عام 1976، وأصدر أربع مجاميع شعرية:
بتوقيت القلب(2019)
تسابيح الوجع (2020)
عزف الرمال (2022)
مطر على خد الطين(2024).
إضافة إلى ترجمة إنكليزية بعنوان (Rain on the Cheek of Clay).
يتميز أسلوب السياب بالرمزية وثراء الصورة الشعرية، كما يتضح في نصوصه (ناي ليلة عاصفة، ونهارٌ يتّسعُ كأجنحة الغياب) شارك في مهرجانات شعرية عربية ودولية ونُشرت أعماله في أبرز الصحف والمجلات العراقية والعربية. أجرينا معه حواراً حول مضمار “النص الشعري التأملي” الذي يشكل محور كتاباته.

•من هو حسين السياب؟ هل هو أنت شخصياً داخل نصوصك أم شخصية أخرى ؟

•لا أعرف هل أنا المقصود أم شخصية بداخلي تحاول زرع نبض القلب على بياض الورق سؤال صعب جداً حين يوجه لمجنون لا غاية له سوى السفر مع الريح إلى عوالم جديدة.

•كيف تصف أسلوبك في الكتابة؟

•أكتب كما لو أنني أُمسك بظل الفكرة قبل أن يغادر، وأُسمي الأشياء بأسمائها الخفية. الرموز في شعري ليست أقنعة، بل مفاتيح لأبوابٍ لا تُفتح إلا بالتأمل، أؤمن أن المعنى الحقيقي يسكن في المسافة بين الكلمة وصداها، وفي الصمت الذي يسبح بين السطور. أكتب لأنني أبحث عن وجهي في مرايا الوجود، وأحاول أن ألتقط لحظةً عابرة يمكنها أن تُعيد ترتيب الفوضى في داخلي. لهذا تأتي قصائدي مكثفة، كنبضة واحدة تحمل تاريخ القلب كله وعميقة، كغوصٍ في ماء لا يعرف أحد عمقه.

•هل كانت هناك لحظة فارقة أو سبب انطلاق تجربتك الشعرية؟

•نعم، لم تأتِ على هيئة وحي مفاجئ، بل كانت كسقوط حجر صغير في بحيرة منسية أحدث دوائر لا تنتهي. كنت أواجه فقداً كبيراً، شعرت معه أن الصمت عاجز عن حمل ما في داخلي فالتجأت إلى الشعر كملاذ، كوسيلة لأعيد تشكيل الألم وتحويله إلى شيء يمكن النظر إليه دون أن يحرق. منذ تلك اللحظة، أدركت أن الكتابة ليست ترفاً، بل ضرورة وجودية وكل قصيدة هي محاولة لترميم ما يتكسر في الداخل.

•كيف ترى العلاقة بين الوضوح والرمز في شعرك؟

•أميل إلى المزج بين الوضوح والرمز؛ فالوضوح يمدّ القارئ بخيط الدخول إلى النص الشعري، والرمز يفتح أمامه فضاء التأمل واكتشاف المعاني الخفية.

•هل تعتبر الكتابة مجرد تعبير جمالي أم طقس روحي؟

•الكتابة عموماً طقس روحي قبل أن تكون تعبيراً جمالياً؛ هي انفتاح على عوالم غير مرئية ومحاولة للإصغاء إلى ما يقوله الصمت. لكنها أيضاً بحث عن الشكل الأجمل لتجسيد تلك الرؤيا، لأن الروح لا تكتمل إلا حين تجد لغتها، والجمال هو الجسر الذي تعبره التجربة الداخلية نحو الآخر.

•كيف أثرت التجارب الأخرى والتفاعل مع الأصوات المختلفة على كتاباتك؟

•هذا الانتماء منحني فضاءً أوسع للتفاعل مع تجارب شعرية وفكرية متنوعة، وفتح أمامي أبواب الحوار مع أصوات من بيئات ورؤى مختلفة. هذا الاحتكاك لم يثـرِ لغتي وأسلوبي فحسب، بل وسّع زاوية النظر إلى العالم، وجعلني أرى القصيدة كجسر للتواصل الإنساني لا كجزيرة معزولة.

•كيف ترى المشهد الشعري اليوم؟

•المشهد الشعري اليوم غني ومتنوع، لكنه يواجه تحديات في التوازن بين التجديد وجودة النقد والدعم المؤسساتي، أرى نفسي جزءاً يسعى ليكون جسر بين الأجيال والتوجهات، وأؤمن بأن مسؤوليتنا الحفاظ على جدية الشعر وفتح فضاءات حوار حقيقية.

•هل تعمل على مشروع شعري جديد حالياً؟

•نعم، أعمل الآن على إنجاز مجموعة شعرية حديثة تحمل تجربة جديدة، تنحو نحو حداثة متجددة وأسلوب مختلف. هي محاولة لرسم طريق لم يُسلك بعد في عالم القصيدة، حيث أفكك الصور التقليدية وأعيد تركيبها بصياغة تعكس حساً معاصراً وروحاً متجددة. أؤمن بأن الشعر يعيش حين يتجاوز الحدود، وينفتح على التجريب والجرأة، فالمجموعة ليست مجرد كلمات، بل إعلان انطلاق نحو فضاءات لا تزال تنتظر أن تُكتشف وتُحكى من جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار