برامج محو الامية الرقمية للموظفين الحكوميين


بقلم الدكتورة /نادية الجدوع
خبير ستراتيجي..
التحول الرقمي في العراق يواجه تحديات كبيرة، لكن هناك فرصًا لتحسينه. العراق يحتل المرتبة 145 من بين 193 دولة في مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية للأمم المتحدة لعام 2024، مما يشير إلى الحاجة إلى تطوير البنية التحتية الرقمية.
وتعتمد الحكومة العراقية بشكل كبير على العمليات الورقية، مما يحد من الوصول إلى الخدمات الحكومية ويعزز الفساد.
اما العراق واجه تحديات كبيرة في مجال الأمن السيبراني، بما في ذلك حوادث القرصنة المتكررة التي تستهدف مواقع الحكومة وتسريب المعلومات الشخصية.
وهناك حاجة إلى برامج محو الأمية الرقمية للموظفين الحكوميين والمواطنين لتحسين استخدام التكنولوجيا الرقمية.الذي يعد مكلفًا ولا يضر بالبيئة فحسب، بل يسمح أيضًا بتسرب البيانات الحساسة ويحد من الوصول إلى الخدمات الحكومية.
ويمكن للحكومة الإلكترونية أن تحسن تقديم الخدمات العامة وتزيد من الاستثمارات وتعزز جودة الحياة للمواطنين العراقيين.
ويمكن للحكومة الإلكترونية أن تعزز الشفافية والمساءلة في الحكومة وتقلل من الفساد.
وتساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف الذي يركز على السلام والعدالة والمؤسسات القوية.
لذا يجب على الحكومة العراقية تطوير استراتيجية شاملة للحكومة الرقمية وتحدد الأهداف الواضحة والجداول الزمنية والمسؤوليات.
وإنشاء هيئة تنسيق مركزية للحكومة الإلكترونية لتبسيط الجهود عبر الوزارات والإدارات.
وتطوير وتنفيذ استراتيجية شاملة للأمن السيبراني لحماية المعلومات الحساسة وبناء الثقة العامة.
وإطلاق برامج محو الأمية الرقمية وتقديم تدريب موجه للمسؤولين الحكوميين وترقية البنية التحتية التكنولوجية .
ويشهد العراق خلال السنوات الأخيرة تحولات كبيرة في مجال الرقمنة، حيث تشير أحدث البيانات لعام 2025 إلى توسع غير مسبوق في استخدام الإنترنت والاتصالات. فقد بلغ عدد الاشتراكات الخلوية حوالي 48.1 مليون اتصال أي بنسبة اختراق تصل إلى 103% من إجمالي السكان، وهو ما يعكس اعتماداً شبه كامل على الهواتف الذكية كأداة رئيسية للتواصل والوصول إلى الخدمات.
أما على صعيد الإنترنت، فقد ارتفع عدد المستخدمين إلى أكثر من 38 مليون مستخدم بنسبة 81.7% من السكان، فيما بلغ عدد الحسابات الفعّالة على منصات التواصل الاجتماعي 34.3 مليون حساب أي ما نسبته 73.8%. هذه الأرقام تضع العراق في مرتبة متقدمة إقليمياً من حيث الانتشار الرقمي، رغم التحديات المتعلقة بالبنية التحتية وأمن المعلومات.
ورغم هذا النمو، لا تزال جودة الإنترنت تحدياً ملحوظاً، إذ يبلغ متوسط سرعة الإنترنت المنزلي حوالي 11.67 ميجابت/ث فقط. وعند مقارنة هذا الرقم مع بعض الدول الإقليمية نجد أن الأردن تسجل متوسط سرعة يتجاوز 35 ميجابت/ث، فيما تصل سرعة الإنترنت في السعودية إلى أكثر من 95 ميجابت/ث بفضل استثمارات ضخمة في شبكات الألياف الضوئية والجيل الخامس. هذه الفجوة في الجودة تعكس حاجة العراق إلى تطوير بنيته التحتية الرقمية بشكل عاجل إذا ما أراد مواكبة التطورات العالمية.
من جهة أخرى، تشير تغطية شبكات الهواتف إلى مؤشرات إيجابية، إذ بلغت تغطية شبكات الجيل الرابع 100% تقريباً، بينما يغطي الجيل الثالث 99.28% من المناطق. هذا الانتشار الواسع للشبكات يوفّر قاعدة جيدة للتوسع في الخدمات الرقمية مثل الدفع الإلكتروني، التعليم عن بُعد، والرعاية الصحية الذكية.
إن هذه الأرقام تكشف عن واقع مزدوج: من جهة هناك إقبال متزايد من المواطنين والشركات على الأدوات الرقمية، ومن جهة أخرى لا تزال هناك حاجة لتطوير البنية التحتية الرقمية، وتحسين السرعة، وضمان استقرار الخدمات. وإذا ما استثمر العراق هذا الزخم الرقمي بالشكل الصحيح، فإنه قادر على تحويل التحول الرقمي إلى أداة رئيسية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تماماً كما فعلت دول مثل السعودية التي أطلقت “رؤية 2030” لتعزيز الاقتصاد الرقمي، والأردن الذي وضع إستراتيجية وطنية للتحول الرقمي 2021–2025.
بهذا، يتضح أن العراق يقف أمام فرصة ذهبية، لكن نجاحه يتوقف على الإرادة السياسية، والحوكمة الإلكترونية، والاستثمار في البنية التحتية والتشريعات التي تضمن تحولاً رقمياً شاملاً ومستداماً.