كتُـاب وكالة أرض آشور

الانتخابات المقبلة: مزارع ذكاء اصطناعي لصناعة السلاطين

كتب / د.ضياء السراي :-

شهد العقد الأخير تحوّلًا جذريًا في أدوات وتقنيات إدارة الحملات الانتخابية، إذ أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي عنصرًا محوريًا في تصميم وتنفيذ استراتيجيات التواصل السياسي والدعائي. فلم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد رفاهية رقمية، بل غدا ضرورة عملية تفرضها سرعة العصر، وواقع التنافس السياسي المتنامي.

وتكمن جاذبية الذكاء الاصطناعي في كونه وسيلة قادرة على خفض التكاليف، وسد الفجوات البشرية في مجالات التحليل والتخطيط، كما يمنح الفرق الانتخابية قدرة غير مسبوقة على الإنجاز والتكيّف اللحظي، سواء في قياس الرأي العام، أو في ابتكار المحتوى السياسي والتفاعل مع الجمهور في العالمين الواقعي والافتراضي.

فيما يلي عرض لأبرز الخصائص التي باتت تعتمد عليها الحملات الانتخابية المعاصرة، مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي:

أولًا: أدوات الرصد والتحليل الإعلامي

تُستخدم هذه الأدوات لرصد وتحليل ما يُقال عن المرشح أو خصومه في الفضاء الرقمي، وخاصة على منصات التواصل الاجتماعي. وتوفر وظائف تحليل المشاعر العامة (إيجابي، سلبي، محايد)، مع رصد الكلمات المفتاحية والهاشتاغات المرتبطة بالحملة. كما تُرسل تنبيهات فورية إلى الفريق الإعلامي عند بروز أزمات أو حملات مضادة، مما يتيح استجابة سريعة وفعّالة.

ثانيًا: أدوات كشف وتحليل الحملات المعادية

تمتلك هذه المنصات قدرة فائقة على تعقّب الحملات المُضلّلة والسرديات السامة التي تستهدف المرشح، سواء أكانت منظمة أو عفوية. وتُحلّل هذه الأدوات شبكات التضليل ومن يقف وراءها، وتقدم تقارير استخباراتية فورية خاصة تساعد في اتخاذ إجراءات مضادة مبنية على معلومات دقيقة.

ثالثًا: أدوات صناعة المحتوى الانتخابي

يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا إبداعيًا في كتابة الرسائل الدعائية، حيث يمكنه تخصيص الرسائل وفقًا لتوجهات واهتمامات كل شريحة من الجمهور. كما يُسهم في توليد محتوى متنوع يشمل الخطابات، الشعارات، والمنشورات الاجتماعية، مع تحسينها لتتناسب مع المنصات المختلفة والجمهور المستهدف.

رابعًا: أدوات جدولة ونشر المحتوى وتتبع الأداء

تمكّن هذه الأدوات الفرق الانتخابية من جدولة المحتوى مسبقًا ونشره في الأوقات المثلى للتفاعل. كما توفّر تقارير تحليلية تبيّن أداء كل منشور ومستوى تأثيره، مما يسمح بتكييف الخطاب في الوقت الحقيقي وتحسين الرسائل بمرونة وسرعة.

خامسًا: أدوات تحليل الرأي العام وسلوك الناخبين

توفّر هذه التقنيات قدرة تحليلية متقدمة لفهم تطور المزاج العام لدى الناخبين، كما تتيح مقارنة موقع المرشح ومكانته في مقابل خصومه لحظة بلحظة. وتُستخدم هذه البيانات لتوجيه الحملة نحو المناطق الساخنة أو المتذبذبة في التأييد.

سادسًا: أدوات إرسال التنبيهات والتقارير إلى فريق الحملة

هذه المنصات مسؤولة عن إيصال التنبيهات الفورية والتقارير التحليلية إلى جميع أعضاء الحملة، سواء عبر البريد الإلكتروني أو تطبيقات الاتصال الداخلي. وتُعد هذه الوظيفة أساسية لضمان وحدة المعلومة وسرعة اتخاذ القرار، ما يمنح الحملة مرونة تنظيمية واستجابة متقدمة.

لقد أصبحت الحملات الانتخابية الحديثة مختبرات رقمية متكاملة، تتداخل فيها علوم البيانات مع فنون التأثير السياسي. ولا شك أن توظيف الذكاء الاصطناعي في هذا السياق لا يغيّر فقط من أساليب التنافس الانتخابي، بل يعيد رسم العلاقة بين المرشح والناخب، ويضع أسسًا جديدة لفهم الديمقراطية الرقمية في عصر ما بعد الحقيقة
ملاحظة : المادة أعلاه ملغومة برابط خفي لكل من يقوم بالسرقة والانتحال

(كل التطبيقات والأدوات المذكوره أعلاه موجودة)

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار