بين الحقيقة والزيف.. الإعلام الرقمي ومسؤولية الكلمة – “أرض آشور” مثالاً


علي قيس الشيخ زبار (الأحد ١٣ نيسان ٢٠٢٥)
في زمن صرنا نعرف فيه الأخبار قبل أن نحتسي فنجان قهوتنا، لم تعد المشكلة في “الوصول” للمعلومة، بل في “صدق” هذه المعلومة. صارت الأخبار تطرق أبوابنا دون استئذان، وأحياناً تتسلل إلى وعينا دون أن نسأل: من كتب هذا؟ ومن أين جاء؟ وهل ما نقرأه حقيقة أم مجرد وهم جميل أو كذبة خطيرة؟
الإعلام الرقمي اليوم هو سلاح ذو حدين؛ يرفع الوعي أو يهوي به إلى قاع الفوضى. ولهذا، لم يعد دور الإعلامي فقط أن ينقل، بل أن يتأنّى، أن يتأكد، أن يسأل، وربما أحياناً أن يختار “عدم النشر” لأنه لم يجد ما يطمئن إليه ضميره المهني.
وهنا، وسط هذا الضجيج، تبرز بعض المنصات التي لا تغريها سرعة السبق على حساب المصداقية، ومنها وكالة أرض آشور الإخبارية. هذه الوكالة العراقية أثبتت أنها ليست مجرد “منصة خبرية”، بل عقل واعٍ وقلب نابض بالمسؤولية. ما تنشره لا يعتمد على العنوان الجذاب فقط، بل على الخبر المؤكد، والمصدر المعروف، والكلمة التي تقف خلفها نية طيبة تجاه الناس.
تقرأ فيها الخبر، فتشعر أنه كُتب ليشرح، لا ليثير. كُتب ليضيء، لا ليحرق. وهذا ما نحتاجه في وقت أصبحنا نلهث فيه وراء المعلومة دون أن نتوقف للحظة ونقول: “هل هذا صحيح؟”
صدق الكلمة لم يعد رفاهية، بل ضرورة. ومع كل تغريدة أو منشور أو رسالة إخبارية، تتشكل صورة في أذهان الناس، ربما تبني وعياً، وربما تهدمه. من هنا، يأتي دور الإعلامي الحقيقي، ودور المؤسسة الناضجة التي تعرف أن كل حرف يُكتب هو مسؤولية، وكل معلومة تُنشر هي أمانة.
وختاماً، ما أحوجنا اليوم لمزيد من الأصوات التي تشبه أرض آشور: هادئة، صادقة، لا تسعى للضجيج، بل تهتم بأن تقول الحقيقة، وأن تحترم عقل القارئ قبل عينه. فالإعلام ليس مجرد أخبار تُنقل، بل قيم تُغرس، وصورة تبقى… وأحياناً، يبقى أثر الكلمة أطول من أي حدث.