العلويون في العراق أقلية دينية بين السرية والتاريخ المتغير

*الحقوقية انوار داود الخفاجي*
العلويون، المعروفون أيضًا بالنصيريين، يُعتبرون من الأقليات الدينية في العراق. تعود جذور هذه الطائفة إلى تعاليم محمد بن نصير النميري في القرن التاسع الميلادي، الذي أسس المعتقد العلوي النصيري. في الماضي، كانت العديد من مدن العراق مراكز لنشوء وانتشار هذا المعتقد، لكن في الوقت الحاضر، لم يتبقَّ من وجودهم في العراق سوى أقلية بسيطة من سكان مدينة عانة في محافظة الأنبار غرب العراق، حيث اعتادوا السرية في العيش وعدم الإفصاح عن معتقدهم الديني.
ليس هناك إحصائية دقيقة لعدد أفراد الطائفة العلوية النصيرية في العراق، لكن يُقدَّر أنهم لا يتجاوزون بضعة آلاف من الافراد. يعيش معظمهم في العاصمة بغداد والنجف الاشرف بعد هجرة العديد منهم خارج العراق أو إلى سوريا المجاورة. في الأنبار، لم يتبقَّ سوى بضع عوائل من الطائفة العلوية بعد هجرة الأغلبية نحو بغداد أو خارج البلاد، خاصة بعد غرق مدينة عانة القديمة، حيث فقد العلويون أماكنهم المقدسة مثل قبة علي فوق جبل حقون في عانة، والتي كانت تُعتبر موقعًا ذا أهمية دينية كبيرة لديهم.
العلويون في العراق يُعتبرون أقلية دينية، ولا توجد لديهم أماكن عبادة خاصة بهم في الوقت الحالي، خاصة مع قلة عدد أفرادها وتفضيل أبنائها إخفاء معتقدهم. يقيم الرجال طقوسهم الدينية في منازلهم أو يتوجهون إلى سوريا لتعلم الدين وطقوسه.
من أبرز شخصيات العلويين النصيرية في العراق الشاعر في العصر العباسي المنتجب العاني، الذي يعتبره العلويون من كبار علمائهم، وكذلك إبراهيم الطوسي العاني. أما في العصر الحديث بعد تأسيس الدولة العراقية عام 1920، برز عدد من أتباع الطائفة العلوية في مختلف المجالات، أبرزهم وزير النفط العراقي الأسبق تايه عبد الكريم، والشاعر رشدي العامل، والصحفي رسمي العامل، وغيرهم من الشخصيات المؤثرة من ضباط وكفاءات عراقية.
بالنسبة للفرق بين العلويين وشيعة العراق، فإن العلويين يتبعون المعتقد العلوي النصيري، الذي يُعتبر فرعًا من فروع الإسلام الشيعي، لكنه يتميز بخصوصيات عقائدية وطقوسية تختلف عن الشيعة الإثني عشرية السائدة في العراق. العلويون يميلون إلى تفسير باطني للتعاليم الإسلامية، ويؤمنون بتجسيد الألوهية في شخصيات معينة، مثل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو ما يميزهم عن الشيعة الإثني عشرية الذين يركزون على الإمامة كقيادة دينية دون تجسيد للألوهية.
فيما يتعلق بزعيم الطائفة العلوية في العراق حاليًا، لا توجد معلومات محددة حول شخصية معينة تتولى هذا المنصب. بسبب قلة عددهم وتفضيلهم السرية في معتقداتهم، لا يظهر للعلن زعيم محدد يمثل الطائفة العلوية في العراق. ولكن يعتبر السيد اولاي الموسوي هو امير امراء الطائفة العلوية في العالم.
في زمن النظام السابق، لم تكن هناك سياسات محددة تستهدف الطائفة العلوية بالنظر إلى قلة عددهم وتفضيلهم السرية. ومع ذلك، عانى العديد من الأقليات الدينية والإثنية من التهميش والاضطهاد خلال تلك الفترة. بعد عام 2003، ومع التغيرات السياسية التي شهدها العراق، واجهت العديد من الأقليات تحديات جديدة تتعلق بالأمن والتهجير. بالنسبة للعلويين، وبسبب قلة عددهم وتشتتهم، لم تكن هناك تقارير واسعة النطاق عن استهدافهم بشكل محدد، لكنهم، كغيرهم من الأقليات، قد تأثروا بالوضع الأمني العام في البلاد.
في الختام، يُعتبر العلويون في العراق أقلية دينية تواجه تحديات تتعلق بالحفاظ على هويتهم ومعتقداتهم في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية التي شهدها العراق على مر العقود. ورغم قلة عددهم، إلا أن لهم تاريخًا طويلًا وتأثيرًا في مجالات مختلفة من الحياة العراقية.