

يولد بعض البشر بقلبٍ يضيء قبل أن تنبض أفكارهم بالكلمات، كأن الله أراد أن يجعلهم مرآةً تعكس الصفاء الذي افتقدناه. متلازمة الحب، كما ينبغي أن نُسميهم، هم أرواحٌ نزلت إلى الأرض تحمل رسالة: أن الرحمة لا تُقاس بالقدرة، وأن الإنسان لا يُعرّف بقوة عضلاته بل بلين قلبه.
وفي رحابهم، نقف أمام ذوي الاحتياجات الخاصة، أولئك الذين لم تمنعهم تحديات الجسد من أن يكونوا شموعًا تضيء الدروب، وقناديل تصنع الفرق. ليسوا أعباءً على المجتمع، انما هم درسٌ حيٌّ في الصبر والقوة. وجودهم في بيوتنا بركة، وفي مؤسساتهم حياة تنتظر أن نكون جزءًا منها. كم من مؤسسة تضمّهم تنتظر زائرًا يمنحهم دفئًا، أو يدًا تمتدّ لتساند؟ كم من قلبٍ فيهم يحتاج إلى كلمة، قبل أن يحتاج إلى مال؟
أليس في كلام الله تأكيدٌ على قيمتهم؟ يقول تعالى: “وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ” (البقرة: 237)، وكأن الفضل هو أن نمدّ أيدينا لمن يحتاجوننا، دون أن ننتظر مقابلاً سوى امتنان السماء. وقال الإمام الصادق (ع): “مَن نظر إلى ذي عاهة فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، من غير أن يسأل الله العافية، كان له من الأجر كذا وكذا”. فالنظر إليهم بعين الامتنان، لا الشفقة، هو بابٌ من أبواب الرحمة.
ونحن على أعتاب رمضان، شهر التراحم، فلنوسّع دائرة الحب، ونمنحهم ما يستحقون: لا مجرّد رعاية، بل احتضانٌ يجعلهم في قلب المجتمع، لا على هامشه. فلنزُر مؤسساتهم، لنُشعرهم أننا معهم، وأن دعمهم ليس واجبًا فقط، بل حقٌّ من حقوقهم علينا. لأنهم، في الحقيقة، هم من يمنحون الحياة لونها الأجمل.
اللواء الدكتور
سعن معن الموسوي