ظاهرة منتحلي الانتساب الى نسل رسول الله “سيد -علوية” في المجتمع العراقي


الحقوقية انوار داود الخفاجي:-
ورد عن النبي محمد ﷺ حديثٌ يقول فيه: “لعن الله الداخل في نسبٍ والخارج من نسبٍ”، وهو تحذير شديد اللهجة من التلاعب بالأنساب سواء بالانتساب إلى نسبٍ ليس للشخص فيه صلةٌ حقيقية، أو التبرؤ من نسبه الحقيقي. يُعد النسب من الأمور الثابتة التي لا يجوز تغييرها أو الادعاء بخلافها، لما يترتب عليه من أحكام شرعية واجتماعية تتعلق بالميراث، والولاية، والزواج، وغيرها من الحقوق. وهذا ما اكدت عليه المرجعية الدينية في تحريم من انتحل السيادة كذبا.
يعتبر التلاعب بالأنساب من الكبائر في الإسلام، وذلك لما فيه من تزويرٍ للحقائق وانتحالٍ لصفاتٍ ليست للشخص. وقد جاء في الحديث الآخر عن النبي ﷺ: “من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام” (رواه البخاري ومسلم). يدل هذا الحديث على أن ادعاء نسبٍ زائف ليس مجرد خطأ، بل ذنبٌ عظيمٌ يستوجب لعنة الله وعقابه في الآخرة.
*ادعاء السيادة عند الرجال*
من صور الانتحال التي يشملها الحديث ادعاء بعض الرجال السيادة، أي الانتساب إلى آل البيت النبوي الشريف زورًا. وقد انتشرت هذه الظاهرة عبر العصور لأغراضٍ عديدة مثل تحقيق مكانة اجتماعية مرموقة، أو الحصول على امتيازات مادية ومعنوية، أو حتى مجرد الفخر الكاذب. يترتب على هذا الفعل أضرارٌ كبيرة منها فقدان الثقة بين الناس، والتعدي على حقوق السادة الحقيقيين من آل البيت، والإضرار بالمجتمع الإسلامي من خلال نشر الكذب والخداع.
*لقب العلوية للنساء*
ينطبق الحكم نفسه على النساء اللواتي يدعين نسبًا غير حقيقي، خصوصًا لقب “العلوية” الذي يشير إلى الانتماء لآل البيت. بعض النساء يستخدمن هذا اللقب لتحقيق مكانة اجتماعية معينة، أو للتمتع بامتيازات تُمنح لآل البيت في بعض المجتمعات. وهذا الفعل يدخل في إطار التزوير المحرم شرعًا، ويستوجب اللعنة والعقاب الأخروي كما ورد في الحديث.
*العقوبات القانونية في القانون العراقي*
في العراق، يُعَدُّ التلاعب بالأنساب جريمة يعاقب عليها القانون، نظرًا لخطورتها على المجتمع والنظام العام. يعالج قانون العقوبات العراقي هذه الجريمة ضمن عدة مواد قانونية، أبرزها:
*جريمة التزوير* وفقًا للمادة ٢٨٩ من قانون العقوبات العراقي، فإن تقديم مستندات مزورة أو شهادات كاذبة تتعلق بالهوية أو النسب يعرض مرتكبها لعقوبات مشددة، تشمل السجن والغرامات المالية.
*الاحتيال والتضليل*: إذا أدى ادعاء النسب الكاذب إلى الحصول على منافع مادية أو معنوية، فقد يُلاحَق الشخص بتهمة الاحتيال وفقًا للمادة ٤٥٦ من قانون العقوبات.
*الإخلال بالسجلات الرسمية*: تغيير أو تحريف المعلومات في السجلات الرسمية مثل شهادات الميلاد أو وثائق الأحوال المدنية يُعَدُّ جريمة يُعاقب عليها بالسجن بموجب قانون الأحوال المدنية العراقي.
وفي الختام يُعد ادعاء نسبٍ غير حقيقي من الكبائر في الإسلام وجريمة قانونية خطيرة في العراق. فقد شدد الإسلام على حفظ الأنساب وعدم التلاعب بها، كما فرض القانون عقوبات صارمة على من يزوّر النسب أو ينتحل صفة السيادة. لذا، يجب على المجتمعات الإسلامية التصدي لهذه الظاهرة بنشر الوعي بأحكام الدين والقانون، لضمان العدالة وحفظ الحقوق الاجتماعية والشرعية.