الأخبار المحلية

القراءة تحصينٌ نفسي وسِلم مجتمعي

عبير محمود القيسي :-

سكون النفس والتأمل بعيداً عن صخب الظروف الخارجية يقبع في زاوية القراءة، حيث نجد فيها قصتنا التي عاشها الكاتب وبات يكتبها بالنيابة عنَّا، هكذا ولدنا لنقرأ ولنكتب ولنعيش احداث لم ولن تكرر لأن العمر شريط طولي قصير أو متوسط أو طويل لا نعلم فلكل مِنَّا شريطه الخاص به والمليء بالصور الحيَّة للمواقف والتفصيلات الدقيقة التي تحدث خلال يومه أو ساعته أو شهره أو عامه.
أن الكاتب الثري الذي يجد من قصص الاخرين متعة ومن قصته عبرة، الذي يحيط العالم معلومات مهمة عن عوالم يجهلها العامة ويفقد التعبير عنها من هو يمتلكها، فالروايات والقصص ونصوص السرد النثرية والشعرية والمسارح والدراما وجدت لتشذيب ذلك الركن الوحشي الذي في داخل الانسان، وجدت لرفع قيمة الوجدان على الأنا الاعلى والاتكالية والوحشية الحيوانية الموجودة فطرياً فينا لكن بنسب متفاوتة ومهذبة قد تكون التربية والقوانين والتشريعات ادبتها وقد تكون على العكس فبعض الافراد لم ينتموا الى أي مؤسسة تربوية تحفظ لهم مشاعرهم من الهدر وتهدأ سلوك الجريمة والخيانة والغدر والايذاء لديهم كمؤسسة الاسرة الجيدة ومؤسسة التعليم الممتاز فيأتي هنا دور الدراما والمسرح والمطبوعات من الرواية والقصة والشعر والنثر لتأديب الانسان ولتزيين لسانه في المجالس والمحاضر الاجتماعية مستشهداً بحديثه ببيت شعري أو نص قرآني أو حديث السنَّة، لأنها اوامر السماء أن يجبل الانسان على السلام، لأن الله مثقف للغاية ومنه استلهمنا روح الموهبة في الكتابة والقراءة حيث أول أمر أنزله على ممثله للبشرية كان “إقرأ” فقرأ ما كتب الله له من تشريع سماوي مقدس ليعلَّمنا قانون العدالة والانصاف والحكمة والثواب والعقاب ومئات التشريعات الموجودة في كتاب القرآن كلها وجدت مطوعة جاهزة يلتزم بها الانسان ليحفظ دمه وعِرضه وكرامته ويحسن سلوكه ويصون نفسه الامارة بالسوء من ارتكاب الفظائع بحق أخيه الانسان، فأصل القراءة والكتابة أمر تشريعي تطور مع مرور الوقت ليصبح اداة لقضاء متعة مع رحلة الكاتب، ثم تطور ليصبح ادب من اداب الحياة العامة للطبقة المثقفة، ثم تراجع ليصبح مجرد قهوة وبجانبها كتاب، ثم استعيد الكتاب قوَّته ليصبح حاضرا في المعارض الدولية والجوائز العالمية ليكون أول الدساتير التأديبية لما نعانيه من مشاعر منقوصة تتجسد في عدائية سلوكنا مع الاخرين كالغيرة والتهجم والانتقاص واحيانا القتل غير المبرر كل ذلك لأنه نقص فينا حاولنا إتمامه بتفريغ عدوانيتنا بالاخرين بدلاً من اصطحاب الكتاب والاستماع الى الموسيقى والنظر على الحياة من نافذة متعالية جداً وهي أننا راحلين كلنا فلنعيشها برفق ولين يسمح لنا بالحب والعطاء والتبادل المنتفع مع جموع المعارف في اطار العلاقات الاجتماعية الرصينة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار