الأخبار الدوليةتقارير وتحقيقات

الشهيد حسن نصر الله: لماذا يستحق كل هذا الحب والتشيّع المهيب؟

*الحقوقية انوار داود الخفاجي*

لطالما كان القادة العظام مصدر إلهامٍ لشعوبهم، لكن القليل منهم فقط من استطاعوا أن يتحولوا إلى رموز خالدة، تحظى بتأييد شعبي واسع، وحب عميق من أنصارهم. السيد الشهيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، هو أحد هؤلاء القادة الذين لا يقتصر نفوذهم على الخطابات الحماسية أو القرارات الاستراتيجية، بل يمتد إلى قلوب الناس وعقولهم، ما جعل جنازته او قادة الحزب أو شهدائه تتحول إلى مناسبات تشييع مهيبة، تعكس مدى الالتفاف الشعبي حوله. فما الذي فعله حتى يستحق كل هذا الحب؟

*زعيم صادق قريب من الناس*
من أهم العوامل التي جعلت السيد الشهيد نصر الله يحظى بهذه المحبة، صدقه وشفافيته في حديثه مع الناس. فهو لا يخاطب الجماهير من برجٍ عاجي، بل بأسلوب بسيط، واضح، وصريح، يجعله قريبًا من قلوبهم. حينما يعد بشيء، يفي به، وحينما يتحدث عن الوقائع، ينقلها كما هي، دون تهويل أو تقليل من شأنها. هذا الخطاب الصادق عزز ثقة الناس به، خاصة في عالم يعج بالزعامات التي تكثر من الوعود الفارغة.

*المقاومة والانتصارات*
منذ توليه قيادة حزب الله عام 1992، خاض السيد الشهيد حسن نصر الله معارك مصيرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأثبت أن المقاومة ليست مجرد شعارات، بل خيار استراتيجي قادر على تحقيق الانتصارات. كان أبرزها الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 بلا قيد أو شرط، ثم الصمود البطولي في حرب تموز 2006، حيث تحولت المقاومة من قوة محلية إلى لاعب إقليمي يحسب له ألف حساب. هذه الإنجازات جعلته رمزًا للمقاومة والعزة في نظر الكثيرين.

*التضحية الشخصية*
من النادر أن نجد قائدًا يخوض المواجهة بنفسه، لكن السيد الشهيد نصر الله لم يكن بعيدًا عن ميادين التضحية، بل قدّم ابنه البكر “هادي” شهيدًا في سبيل القضية. هذا الموقف زاد من رصيد محبته في قلوب الناس، إذ رأوا فيه قائدًا لا يرسل أبناء الآخرين إلى المعركة بينما يحفظ أبناءه في أماكن آمنة، بل يشاركهم ذات المصير والتضحيات.

*دفاعه عن المستضعفين*
لم تقتصر شعبية السيد الشهيد نصر الله على لبنان فقط، بل امتدت إلى مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي، لأنه رفع راية الدفاع عن المستضعفين في وجه الاحتلال والهيمنة. كان دائمًا إلى جانب قضايا الشعوب، سواء في فلسطين أو العراق أو سوريا أو اليمن، ما جعله قائدًا يتجاوز حدود الطائفة أو الوطن.

*تواضعه وبساطته*
رغم كونه من أكثر الشخصيات نفوذًا وتأثيرًا، لم يتخلّ السيد الشهيد نصر الله عن بساطته وتواضعه. يظهر دومًا دون مظاهر البذخ أو الاستعلاء، ويتحدث إلى جمهوره وكأنه فرد منهم. هذه البساطة زادت من قربه إلى قلوب محبيه، فهم لا يرونه مجرد زعيم سياسي، بل شخصًا يعيش معاناتهم وآمالهم.

وفي الختام ليس من المستغرب أن يلتف الناس حول شخصية بمثل هذه الصفات، فمن يحمل هم الأمة، ويضحي و يستشهد في سبيلها، ويصون كلمته، لا بد أن يحظى بحب الجماهير. السيد الشهيد حسن نصر الله لم يكن مجرد قائد سياسي أو زعيم حزبي، بل أصبح. رمزًا للتضحية والكرامة والمقاومة، وهذا ما جعل محبيه يشيّعونه بمهابة وعنفوان، وكأنهم يشيّعون جزءًا من قلوبهم، وفاءً لمن قادهم نحو العزة والانتصار.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار