أنا عراقي: الشموخ سماتي، والطيب عطري، والوفاء صفاتي


*الحقوقية انوار داود الخفاجي*
أنا عراقي، والعراق يسكنني كما أسكنه. هو ليس مجرد وطن، بل هو نبض يجري في عروقي، وأرضٌ صنعتني كما صنعت التاريخ. من ترابه استمددت قوتي، ومن سمائه تعلمت العلو والشموخ. كيف لا أكون شامخًا وأنا ابن أرضٍ أنجبت الحضارات؟ كيف لا أكون طيبًا وأنا من شعبٍ عرف الكرم والضيافة منذ الأزل؟ كيف لا أكون وفيًا وأنا ابن دجلة والفرات، نهرَي العطاء والنقاء؟
*الشموخ سماتي*
العراق أرض العزة، وأبناؤه عنوان الكبرياء. مهما اشتدت الأزمات، ومهما تكالبت علينا الظروف، نبقى واقفين، كالنخل لا ينحني إلا ليحمل الخير للناس. نحن أبناء بابل، وورثة آشور، وأحفاد الحضارات التي علمت العالم الكتابة والعدالة والعلوم. من بغداد التي كانت عاصمة الدنيا، إلى أهوار الجنوب، وجبال الشمال، وسهول الغرب، وسواد الوسط، كل شبرٍ في العراق يروي قصة شموخٍ لا تنتهي.
الشموخ ليس مجرد كلمات، بل هو أسلوب حياة. حينما يتحدث العراقي، يتحدث بثقة، وحينما يعمل، يعمل بإخلاص، وحينما يواجه المحن، يواجهها بثبات. قد نمر بأصعب الظروف، لكننا لا نرضى بالانكسار. نحن شعبٌ ينهض من تحت الركام، يبني بعد كل دمار، ويبتسم رغم الجراح، لأننا نؤمن بأن العراق باقٍ ما دامت الشمس تشرق على دجلة والفرات.
*الطيب عطري*
العراقي معروف بطيبته، ليس فقط مع أهله وأصدقائه، بل مع كل من يلتقيه. طيبة العراقي ليست ضعفًا، بل هي قوة، لأنها تعكس أصالة جذوره. حينما يزورك عراقي، يأتيك بيدٍ محملة بالخير، وبقلبٍ ممتلئ بالحب. في مجالسنا، القهوة لا تُقدَّم إلا للضيف، والطعام يُقدَّم قبل السؤال، والبسمة هي عنوان اللقاء.
حتى في أحلك الظروف، لم نفقد طيبتنا. رغم كل ما مررنا به، لا يزال العراقي يفتح بيته للمحتاج، ويقف مع جاره، ويمد يده للغريب. الطيبة التي نحملها ليست مجرد عادة، بل هي جزء من هويتنا، وهي العطر الذي يميزنا أينما ذهبنا.
*الوفاء صفاتي*
الوفاء من أسمى الصفات، والعراقي تجري في دمه هذه الفضيلة. نحن أوفياء لأصدقائنا، لا نخذل من وقف معنا، ولا ننسى المعروف. نذكر ماضينا بكل فخر، ونحمل في قلوبنا محبةً لا تتغير للأرض التي أنجبتنا. حتى من اضطرته الظروف للهجرة، يبقى العراق في وجدانه، يتابع أخباره، ويحلم بالعودة إليه.
الوفاء ليس فقط للأشخاص، بل للوطن أيضًا. مهما ابتعدنا، يبقى العراق هو الحلم، هو الشوق، هو الحنين. لا نساوم على ترابه، ولا ننسى أبطاله، ولا نفرط في انتمائنا. الوفاء عندنا مبدأ، نربي عليه أبناءنا، ونتوارثه جيلًا بعد جيل.
*العراق حياتي، وتحت نبضي دجلة والفرات*
العراق ليس مجرد مكان نعيش فيه، بل هو الحياة بذاتها. هو الماضي الذي نفتخر به، والحاضر الذي نصنعه، والمستقبل الذي نحلم به. في كل عراقي، هناك جزءٌ من بغداد، وقطرةٌ من دجلة، ونغمةٌ من أهوار الجنوب، وصوتُ المآذن والكنائس، وعبقُ التاريخ الممتد لآلاف السنين.
تحت نبضي يجري دجلة والفرات، يسقيان روحي بعطر الوطن. في ليالي الغربة، أسمع هدير مياههما يهمس لي: “العراق بانتظارك”. وحين تلامس قدماي ترابه، أشعر كأنني أعود إلى الحياة من جديد.
في الختام أنا عراقي، وهذه كلمتي التي أفتخر بها. الشموخ سماتي، لأنني ابن أرضٍ لم تنحنِ يومًا. الطيب عطري، لأنني نشأت في وطنٍ يُعرف بكرمه. الوفاء صفاتي، لأنني تربيت على حب العراق والتمسك به. العراق هو حياتي، ودجلة والفرات يسكنان نبضي، فكيف لا أكون فخورًا بانتمائي؟